الكيمياء العامة واللاعضويةالكيمياء الفيزيائية وعلم الموادمقالات علمية

المواد الهيدروفيلية والمواد الهيدروفوبية

إعداد: ميشيل رحال، الكيمياء العربي


إذا أردنا تصنيف المواد في حالة سلوكها مع الماء، سوف ينتج لنا تصنيفين: كاره للماء (هيدروفوبي Hydrophobic) أو محب للماء (هيدروفيلي Hydrophilic).

لتفسير هذه الخاصية، يجب معرفة طبيعة الماء بشكل عام، فجزيئات الماء قطبية، بمعنى أنّه يوجد فرق كبير في الكهرسلبية بين ذرتي الهيدروجين وذرة الأكسجين، لذا ينشأ عن هذا الفرق عزم ثنائي قطب، تتركز الشحنة السالبة على ذرة الأكسجين وشحنات موجبة على ذرتي الهيدروجين.

يسمح ذلك للماء بأن تشكل روابط فيزيائية قوية مع بعضها، و مع أية مادة أخرى تملك أيضاً ضمن بنيتها فرق في الكهراسلبية (تملك عزم ثنائي قطب dipole moment).

فمثلاً يتألف القطن من بوليمير طبيعي هو السللوز، وكون السللوز يملك زمر هيدروكسيلية، فهو قادر على تشكيل روابط هيدروجينية مع جزيئات الماء، لذلك يستطيع القطن امتصاص الماء وبكميات كبيرة، لذا فالقطن مادة هيدروفيلية.

أما بالنسبة لباقي المواد مثل البوليميرات الصنعية (البلاستيك، المطاط، الألياف)، فالمكون الأساسي لها ذرات الكربون والهيدروجين (وبنسب أقل ذرات النيتروجين والأكسجين)، لا يوجد فرق كاف في الكهرسلبية بين الهيدروجين والكربون أي أنّ عزم ثنائي القطب صغير، لذا لا تستطيع تشكيل روابط هيدروجينية، إنما روابط فاندرفالس الأضعف، حيث نرى كيف تتكور قطرات الماء على أسطح البلاستيك، لذا يعتبر البلاستيك مادة كارهة للماء (هيدروفوبية).

يمكن قياس مدى هيدروفيلية/هيدروفوبية مادة عن طريق وضع قطرة ماء على سطحها، وقياس زاوية التماس بين القطرة والسطح، حيث أنه كلما كانت الزاوية التماس أصغر، كلما كان السطح هيدروفيلي، وكلما كبرت الزاوية يزداد تكور قطرة الماء، أي أنه أكثر هيدروفوبية.

يفسر ذلك على أساس تشكيل روابط فيزيائية قوية/ضعيف بين الماء وسطح المادة، فإذا كان السطح هيدروفيلي فسوف تتمدد القطرة لتشكل أكبر عدد ممكن من الروابط مع السطح، بينما إذا كان السطح هيدروفوبي فسوف تتكور القطرة لتكون منطقة التماس مع سطح المادة أصغري كونه لا يوجد إمكانية لتشكيل الروابط.

المواد الهيدروفيلية والمواد الهيدروفوبية

في السنين الماضية أجرت دراسات عديدة حول الاستفادة من المواد الهيدروفوبية، فضعف قدرتها على امتصاص الماء يفيد في الانشاءات، لحماية أساسات البناء من الرطوبة وحدوث تآكل ضمن البنى الأساسية، وأيضاً من أجل حماية الملابس من الرطوبة الزائدة، وخصوصاً الملابس القطنية، حيث توفر الرطوبة مع القطن بيئة جيدة لنمو الكائنات المجهرية.

تستخدم المواد الهيدروفوبية على شكل أطلية للسطوح، تكون عادة مركبات سيليكونية تحوي زمر عضوية، وكون المركبات العضوية هي بالأصل هيدروفوبية، فقد تم تسخير هذه الخاصية لغرض حماية السطوح، فبإضافة زمر عضوية (سلاسل هيدروكربونية خطية/ متفرعة) تكون على تماس مع الجو المحيط، بينما يكون القسم الآخر من الجزيء مرتبط مع السطح المراد حمايته.

دخلت التقانة النانوية في هذا المجال، من أجل تحسين هيدروفوبية السطوح، فقد عمد العلماء على تشكيل نتوءات سطحية ميكروئية ونانوية، من شأنها أن تزيد من تكور قطرات الماء (أو حتى أي سائل آخر)، وذلك لحماية أمثل للسطح، مستفيدين من البنية السطحية لنبات اللوتس، حتى أنه دخل إلى علم المواد مصطلح “تأثير اللوتس  Lotus Effect” للدلالة على هيدروفوبية السطوح.

[fusion_builder_container hundred_percent=”yes” overflow=”visible”][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
يدرس العلماء البنى الموجودة في الطبيعة، فعلى اليسار ورقة نبتة اللوتس،  في المنتصف  سطح نبات اللوتس الميكروئي، و على اليمين سطح ميكروئي لمادة هيدروفوبية صنعية
يدرس العلماء البنى الموجودة في الطبيعة، فعلى اليسار ورقة نبتة اللوتس، في المنتصف سطح نبات اللوتس الميكروئي، و على اليمين سطح ميكروئي لمادة هيدروفوبية صنعية

أمام التطويرات الحديثة التي طرأت على المواد الهيدروفوبية، توسع مجال استخدامها حتى بلغت الطلاء الداخلي للمنازل فيتم إضافتها مع الدهانات حتى لا تتأثر بالرطوبة، وأيضاً تضاف إلى مختلف أنواع الملابس والأحذية حيث لا تتأثر بالملوثات كالطين والغبار وغيره، تعرف هذه المواد تجارياً بالمواد ذاتية التنظيف Self-Cleaning Materials.

المراجع:

Butt, H., & Kappl, M. (2010). Surface and interfacial forces. Weinheim: Wiley-VCH

Myers, D. (1999). Surfaces, interfaces, and colloids: principles and applications (2nd ed.). New York: Wiley-VCH

[/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]
شارك هذه المادة!

ميشيل رحال

طالب ماجستير علم وهندسة المواد/اختصاص: بوليميرات في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا الاهتمامات: المواد المركبة، المواد النانومترية، البوليميرات الناقلة والضوئية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى