الكيمياء الحيويةملخصات أبحاث

اختبار جديد يكشف مصدر العدوى

اختبار جديد يكشف بسرعة مصدر العدوى إذا كان بكتيرياً أم فيروسياً

منحت المفوضية الأوروبية جائزة مجزية مقدارها مليون يورو لشركتين ساهمتا في تطوير اختبار يكشف مصدر العدوى إذا كان بكتيرياً أم فيروسياً، وتكفي عدّة دقائق بعد وخز إصبع المريض للحصول على نتيجة الاختبار.

يهدف الاختبار الجديد إلى الحدّ من مشكلة اكتساب الميكروبات المقاومة تجاه مضادّاتها، وتُعرف هذه المشكلة بـ “مقاومة مضادّات الميكروبات antimicrobial resistance”.

■ عن الاختبار الجديد:

يحمل الاختبار الجديد اسم Minicare HNL، وهو ثمرة تعاون بين شركة Philips الهولندية وشركة Diagnostics Development السويدية، ومن المتوقّع أن يصل الأسواق عام 2018.

يعتمد الاختبار على واصمٍ حيوي اسمه (ليبوكالين الخلايا المتعادلة البشرية HNL)، ويتحدّث أحد مشرفي العمل عن القدرة العالية التي أظهرها هذا الواصم الحيوي في تشخيص العدوى البكتيرية مقارنةً مع الواصمات الحيوية التي يتعامل معها الأطباء حالياً.

يتحدّث كارولوس موداس، وهو المفوّض الأوروبي للبحث والعلم والابتكار، عن سلوكيات تناول المضادّات الحيوية بشكل زائد أو خاطئ، إذ تعدّ هذه السلوكيات من أهم التحدّيات التي تواجه الصحة العامة.

يبدي موداس ثقته بأنّ الاختبار الجديد سيساعد في استعمال المضادّات الحيوية في الحالات الصحيحة فقط، أي عندما تكون العدوى بكتيرية، وبالتالي لن يتناول المرضى أي مضادّات حيوية غير فعّالة أو غير ضرورية إذا كانت العدوى فيروسية.

درس الباحثون الواصم الحيوي المذكور بواسطة مستشعر حيوي (جهاز مخبري) محمول اسمه Minicare I-20 من إنتاج شركة Philips.

يتوافر جهاز Minicare I-20 حالياً في بعض الدول ليساعد الأطباء على تشخيص متلازمة الشريان التاجي الحادّة.

يعتمد الجهاز المذكور على تقنية الماغنوتك، حيث تكفي قطرة دم واحدة لكشف الكثير من الجزيئات وبتراكيز منخفضة جداً.

والآن، لنتحدّث قليلاً عن تقنية الماغنوتك:

■ عن تقنية الماغنوتك:

يعود الفضل في ابتكار هذه التقنية إلى زميل باحث في شركة فيليبس، وتعتمد التقنية على استعمال الجسيمات النانوية المغناطيسية، وكما ذكرنا، تكفي قطرة دم واحدة لكشف الكثير من الجزيئات وبتراكيز منخفضة جداً (من رتبة البيكو مولار).

نبدأ بإدخال الخرطوشة المناسبة في الجهاز، ومن ثم نضيف قطرة دم واحدة في المكان المخصّص. تُفلتر قطرة الدم المفحوصة ويجري إدخالها أوتوماتيكياً إلى حجرة داخلية صغيرة في الخرطوشة (وذلك بواسطة القوى الشعرية).

تحوي الحجرة الداخلية على الجسيمات النانوية المغناطيسية التي جرى وضعها خلال عملية تصنيع الخرطوشة، وتكون هذه الجسيمات مغطّاة بجزيئات معيّنة تفيد في عملية التحليل عندما ترتبط مع الجزيئات المُراد كشفها.

تجري عملية التحليل بالاستفادة من الحركة المنضبطة للجسيمات النانوية المغناطيسية، وذلك بتطبيق حقول مغناطيسية معيّنة.

بعد مدّة قصيرة، سترتبط نسبة كبيرة من الجزيئات المُراد كشفها بأسطح الجسيمات النانوية المغناطيسية. يحدث هذا الارتباط، كما ذكرنا، بواسطة الجزيئات التي تغطّي الجسيمات النانوية المغناطيسية.

يقوم مغناطيس كهربائي موجود تحت الخرطوشة بجذب الجسيمات النانوية المغناطيسية إلى سطح نشط مغطّى بجزيئات ترتبط أيضاً بالجزيئات المُراد كشفها.

بعد ذلك، يقوم مغناطيس كهربائي آخر موجود فوق الخرطوشة بعملية فصل سريعة للجسيمات النانوية التي لم ترتبط بالسطح النشط عن تلك التي ارتبطت به.

يُعرف عدد الجسيمات التي ارتبطت بالسطح النشط اعتماداً على الكشف الضوئي، وبذلك يُستنتج تركيز الجزيئات المستهدفة.

■ معلومات لا بدّ منها:

  • مقاومة مضادّات الميكروبات (Antimicrobial Resistance):

تظهر مقاومة مضادّات الميكروبات عندما تطرأ تغيّرات على الميكروبات لدى تعرضها للأدوية المضادّة لها (مثل المضادّات الحيوية)، ونذكّر هنا بأنّ مقاومة مضادّات الميكروبات أمر طبيعي يحدث مع مرور الزمن (عادة عبر التبدّلات الوراثية)، ولكنّ سوء استخدام الأدوية المضادة للميكروبات يعجّل من هذا الأمر.

سنكتفي بمثالٍ واحدٍ عن سوء الاستخدام، وهو تناول المضادّات الحيوية عند الإصابة بالزكام الذي يُعدّ من الأمراض الفيروسية المُعدية.

تشكّل مشكلة مقاومة مضادّات الميكروبات قلقاً عالمياً، حيث تظهر آليات مقاومة جديدة تؤدّي إلى إطالة فترة الأمراض، وقد تصبح بعض الإجراءات الطبية (مثل زرع الأعضاء، والمعالجة الكيميائية للسرطان) شديدة الخطورة دون توفر مضادّات فعّالة تقي من العدوى وتُعالج الأمراض.

يصل عدد الوفيات في أوروبا وحدها إلى نحو 25 ألف سنوياً بسبب مقاومة مضادّات الميكروبات، ولا يمكن تجاهل التكاليف الاقتصادية (أعباء الرعاية الصحية، وخسائر توقّف المرضى عن العمل)، حيث تزيد هذه التكاليف عن 1.5 مليار يورو سنوياً.

على الدول أن تنسّق إجراءاتها فيما بينها للحدّ من مقاومة مضادّات الميكروبات، ولا يمكن لأي إجراء أن ينجح دون الاهتمام الكبير بالتوعية العامّة.

  • المستشعرات الحيوية (Biosensors):

فلنبدأ بـ المستشعرات الكيميائية، فهي وفقاً للاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية (IUPAC) عبارة عن أجهزة تحوّل المعلومات الكيميائية إلى إشارات مفيدة من الناحية التحليلية، بدءاً من معرفة تركيز مكوّن ما إلى تحليل كامل المكوّنات.

يُصنع المستشعر الكيميائي عادةً من مكوّنين متسلسلين: 1- مستقبل (نظام إدراك كيميائي) 2- محوّل فيزيوكيميائي.

أمّا المستشعرات الحيوية، فهي مستشعرات كيميائية ولكنّ نظام إدراكها يعتمد على آليات بيوكيميائية.

هناك عدّة أنواع للمستشعرات الحيوية، كالتي تعتمد على الأنزيمات، أو الأنسجة، أو العضيّات الخلوية.

للمستشعرات الحيوية تطبيقات كثيرة، وخاصّة في مجالي التحاليل الطبّية والصناعات الغذائية، ويكفينا معرفة أن معظم أجهزة تحليل سكر الدم المنزلية ما هي إلا أجهزة استشعار حيوية.

  • الواصمات الحيوية (Biomarkers):

يوجد عدّة تعاريف متقاطعة للواصم الحيوي، ففي عام 1998 قامت مجموعة عمل من المعاهد الوطنية للواصمات الحيوية الصحية باعتماد التعريف التالي:

»الواصم الحيوي هو ميزة تُقاس بشكل موضوعي وتُقيّم كمؤشّر للعمليات البيولوجية الطبيعية، العمليات المُمرضة، أو الاستجابات الدوائية للتدخّل العلاجي«.

مثال: يطلب الأطباء تحليل سكر الدم باعتباره واصماً حيوياً يُستفاد منه في تشخيص مرض السكري.

لن نخوض أكثر في التعاريف والأمثلة، ونذكّر بأنّ استعمالات الواصمات الحيوية لا تقتصر على المجال الطبّي، وإنما تتعدّاه إلى مجالات أخرى كالبيئة.

  • الواصم الحيوي HNL:

يعتمد الاختبار الذي تحدّثنا عنه على الواصم الحيوي (ليبوكالين الخلايا المتعادلة البشرية HNL)، حيث HNL اختصار لـ (Human Neutrophil Lipocalin).

يُعرف هذا الواصم أيضاً بـ NGAL (اختصار لـ Neutrophil Gelatinase-Associated Lipocalin)، أو بـ LCN2 (اختصار لـ Lipocalin-2).

أمّا بالنسبة لطبيعة هذا الواصم، فهو عبارة عن بروتين تفرزه الخلايا الحبيبية المتعادلة التي تُعدّ أكثر أنواع كرات الدم البيضاء غزارة لدى الإنسان، ويلعب البروتين دوراً هاماً في مناعة الجسم الطبيعية بتثبيطه نموّ العديد من أنواع البكتيريا عندما يرتبط مع حاملات الحديد التي تفرزها.

يشتهر هذا البروتين أيضاً بكونه واصماً حيوياً للقصور الكلوي الحاد.

المصدر:

€1 million prize awarded for quick test to cut antibiotic use.| (February 10, 2017).| Chemistry World.| Retrieved (March 02, 2017).| from: https://www.chemistryworld.com/news/1-million-prize-awarded-for-quick-test-to-cut-antibiotic-use/2500386.article

Philips and Diagnostics Development win European Union ‘Horizon Prize – Better Use of Antibiotics’ for the rapid detection of bacterial infection on Philips’ Minicare I-20 platform.| (February 07, 2017).| Philips.| Retrieved (March 02, 2017).| from: http://www.philips.com/a-w/about/news/archive/standard/news/press/2017/20170207-philips-and-diagnostics-development-win-european-union-horizon-prize-better-use-of-antibiotics.html

Minicare I-20.| (n.d.).| Philips.| Retrieved (March 02, 2017).| from: http://www.philips.co.uk/healthcare/product/HCNOCTN496/minicare-i-20

Antimicrobial Resistance.|(September 2016).| World Health Organization (WHO).| Retrieved(March 2,2017).| From:

http://www.who.int/mediacentre/factsheets/fs194/ar/

Biosensors and their applications – A review.| (January 2016).| National Center for Biotechnology Information (NCBI).| Retrieved (March 02, 2017).| from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4862100/

What are Biomarkers? (November 2010).| National Center for Biotechnology Information (NCBI).| Retrieved (March 02, 2017).| from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3078627/

شارك هذه المادة!

أنس زهير معروف

كيميائي سوري. البريد الالكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى