تطلب معظم المؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة من طلاب المرحلة الأولى الجامعية أو المتخرجين أو طلاب الدراسات العليا الحصول على بعض التعليم في تطبيق الأبحاث بمسؤولية responsible conduct of research – RCR. فُوّض كل من المعهد الوطني للصحة (NIH) ومؤسسة العلوم الوطنية (NSF) بتدريب الطلاب والمتدربين الجدد على الأخلاقيات البحثية. وقد وضعت العديد من المؤسسات الأكاديمية خارج الولايات المتحدة أيضاً منهجاً تعليمياً في أخلاقيات البحث.
قد يتساءل أولئك الذين درسوا أو يدرسون حالياً دورات في أخلاقيات البحث لماذا قد يطلب منك أن تدرس هذا الموضوع. قد تعتقد أنك أخلاقي للغاية وتعلم الفرق بين الخطأ والصواب. لن تقوم أبداً بتلفيق أو تزوير أو سرقة بيانات. في الواقع قد تعتقد أيضاً أن معظم زملائك أخلاقيين للغاية وأنه لايوجد أي مشكلة أخلاقية في البحث.
إذا كان هذا شعورك فاسترخ، فلا أحد يتهمك بالتصرف غير الأخلاقي. والأدلة الحالية تظهر أن سوء التصرف حالة نادرة جدا في مجال البحوث، على الرغم من وجود تفاوت كبير بين مختلف التقديرات. يقدر معدل سوء التصرف بين 0.01% من الباحثين سنوياً (بناءً على التقارير المؤكدة لسوء التصرف من أبحاث ممولة فيدرالياً)، ويصل إلى 1% من الباحثين سنوياً (بناءً على تقارير ذاتية لسوء التصرف من دراسات استقصائية بغير ذكر الأسماء).
من المفيد وضوحاً الحصول على مزيد من البيانات عن هذا الموضوع، ولكن حتى الآن لا يوجد دليل أن العلم أصبح فاسداً أخلاقياً، على الرغم من بعض الفضائح التي حظيت بتغطية إعلامية كثيفة. حتى لو كان سوء التصرف نادر الحدوث لازال له تأثير هائل على العلم والمجتمع لأنه يمكن أن يعرض سلامة الأبحاث للخطر ويقوض ثقة الناس بالعلم ويضيع الموارد والوقت. هل يمكن لتعليم أخلاقيات البحث أن يقلل من معدل سوء السلوك في العلم؟ لازال الوقت مبكراً للجزم بذلك. يعتمد جواب هذا السؤال جزئيا على فهم سبب سوء التصرف إذ هناك نظريتان أساسيتان لأسباب ارتكاب الباحثين سوء التصرف:
- اعتماداً على نظرية “التفاحة الفاسدة” فإن معظم الباحثين أخلاقيون، فقط الباحثون الفاسدون أخلاقياً أو اليائسون اقتصادياً أو يعانون من اضطرابات نفسية هم من يرتكبون التصرفات السيئة. بالإضافة إلى أن الأحمق فقط هو من سيقوم بسوء التصرف لأن نظام مراجعة الأقران العلمي (science’s peer review system) وآليات التصحيح الذاتي ستمسك بأولئك الذين يحاولون التحايل على هذا النظام. على اي حال، يمكن للمرء أن يجادل بأن دورة في أخلاقيات البحث سيكون لها تأثير ضئيل على “التفاحات الفاسدة”.
- يمكن أن يحدث سوء التصرف أيضاً وفقاً لنظرية “إرهاق” أو “عدم كمال” بيئة العمل بسبب ضغوط العمل والحوافز والقيود التي تشجع الناس على سوء التصرف مثل: الضغوط للنشر أو الحصول على منحة أو عقد أو طموح مهني، والسعي وراء الربح أو الشهرة، والإشراف الضعيف على الطلاب والمتدربين وضعف الرقابة من الباحثين. علاوة على ذلك، فإن المدافعين عن نظرية البئية الضاغطة يشيرون إلى أن نظام مراجعة الأقران العلمي بعيد جداً عن الكمال ومن السهل خداع هذا النظام. كثيراٌ ما يدخل البحث الخاطئ أو الاحتيال السجلات دون أن يُكشف لسنوات. ربما ينتج سوء التصرف عن أسباب بيئية وفردية، أي عندما يوضع أناس ضعفاء أو جاهلين أو عديمي الإحساس أخلاقياً في بيئة مرهقة أو غير مثالية. لكنّ دورةً في أخلاقيات البحث يمكن أن تكون مفيدة في المساعدة لمنع الانحرافات عن المعايير الأخلاقية حتى لو لم تمنع سوء التصرف.
التعليم في أخلاقيات البحث يمكن أن يساعد الناس على فهم المعايير الأخلاقية والسياسات والمشاكل ويحسن من الرأي الأخلاقي واتخاذ القرارات الأخلاقية. قد تحدث العديد من الانحرافات في مجال الأبحاث لأن الباحثين لم يكونوا يعلمون ببساطة أو لم يعتقدوا بجدية بعض المعايير الأخلاقية:
- على سبيل المثال؛ ربما تعكس بعض الممارسات غير الأخلاقية في التأليف بغض التقاليد أو الممارسات التي لم يُشكك فيها حتى وقت قريب. إذا تم إضافة اسم مدير المختبر كمؤلف لكل مقالة تصدر من مختبره، حتى لو لم يشارك بشكل فعال، ما الذي يمكن أن يكون حظأً في ذلك؟ قد يقال: هكذا تتم الأمور عادة.
- مثال آخر حيث قد يكون في مجال الأبحاث بعض الجهل أو تقاليد خاطئة أو تضارب في المصالح. فقد تظن إحدى الباحثات أن علاقة مالية “عادية” أو “تقليدية” مثل قبول أسهم أو رسوم للاستشارات من شركة الأدوية التي ترعى البحث لاتثير أي مشكلة أخلاقية. أو قد لايرى مدير جامعة أي مشكلة أخلاقية في قبول هدية كبيرة مشروطة من شركة أدوية. وربما يعتقد طبيب أنه من المناسب جداً تلقي 300$ لإيجاد حالات مرضية مناسبة لإحالتهم إلى التجارب السريرية.
إذا كانت “الانحرافات” عن السلوك الأخلاقي تحدث في مجال الأبحاث نتيجة الجهل أو عدم انعكاس التقاليد الشكلية بحسم، فإن دورة في أخلاقيات البحث قد تساعد في الإقلال من معدل الانحرافات الخطيرة عن طريق تحسين فهم الباحثين للأخلاقيات و توعيتهم لهذه القضايا.
وأخيراً، يجب أن يساعد التعليم في أخلاقيات البحث الباحثين على التصارع مع المعضلات الأخلاقية التي من المحتمل أن يواجهوها، من خلال تعريفهم على المفاهيم والأدوات والمبادئ والطرائق الهامة التي يمكن أن تكون مفيدة في حل المعضلات. يتعامل العلماء مع مختلف المواضيع الجدلية، مثل أبحاث الخلايا الجذعية لجنين الإنسان والاستنساخ والهندسة الوراثية والأبحاث التي تجري على الحيوان أو الإنسان ،والتي تتطلب تفكراً أخلاقياً وتأنٍ.
المصدر:
Resnik, D.B. (2015, December 1). What is Ethics in Research & Why is it Important? Retrieved January 24, 2017, from National Institute of Environmental Health Sciences: https://www.niehs.nih.gov/research/resources/bioethics/whatis/