إعداد: ميشيل رحال، الكيمياء العربي
هي أحد فروع علم التصميم من أجل البيئة ويختص بتصميم المواد الكيميائية المصنعة وطرائق تصنيعها بحيث يحد من تعرض البشر والكائنات الحية الأخرى إلى المواد الكيميائية الخطرة.
يستند علم الكيمياء الخضراء إلى عدد من المبادئ الرئيسة في تصميم المواد المصنعة وطرائق تصنيعها يمكن تلخيصها بالشكل التالي:
- من الأفضل منع تشكل الفضلات الصناعية خلال عملية التصنيع بدلا من البحث عن طرائق سليمة والتخلص منها بعد تشكلها.
- لمنع تشكل الفضلات الصناعية يجب تصميم طرائق التصنيع بحيث تدخل جميع المواد المستعملة في عمليات التصنيع (أو معظمها على الاقل) في الناتج النهائي المصنع. يتضمن هذا المبدأ تجنب استعمال مواد خارجية كمحاليل الاستخلاص والفصل ومواد التجفيف وغيرها في عمليات التصنيع.
- يجب تصميم طرائق تصنيع المواد الكيميائية إلى الحد الممكن بحيث لا يدخل فيها ولا ينتج عنها مواد شديدة السمية للإنسان والكائنات الحية الأخرى.
- يجب أن تصمم المواد المصنعة بشكل يسمح لها أن تؤدي الوظيفة المخصصة لها دون أن تؤثر سلبا في البيئة التي تستعمل فيها.
- يجب تصميم الطرائق الصناعية إلى الحد الممكن بحيث تجري في درجة الحرارة والضغط العاديين للتخفيف من استهلاك الطاقة، كما يجب الأخذ في الحسبان مقدار استهلاك الطاقة عند حساب الكلفة البيئية للعمليات الصناعية.
- يجب اختيار مواد أولية قابلة للتجديد Renewable (كالمحاصيل الزراعية) في عمليات التصنيع إلى الحد الممكن والتقليل من استعمال المواد غير القابلة للتجديد (كالبترول مثلا).
- يجب أن تصمم المواد الكيميائية المصنعة بشكل يسمح بتحللها بسهولة بتأثير العوامل الطبيعية إلى مركبات غير ضارة بالبيئة، عند بلوغها مرحلة نهاية خدمتها.
- عند تصنيع مواد كيميائية جديدة، يجب تطور وسائل تحليلية لمراقبة انتشار هذه المواد في البيئة قبل استعمال هذه المواد في تطبيقات تؤدي إلى انتشارها في البيئة.
- عند تصميم الطرائق الصناعية يجب قدر الامكان اختيار المواد الكيميائية في الحالة الفيزيائية التي تقلل من احتمال انطلاقها إلى البيئة خلال الحوادث الصناعية (مثلاً الحالة الصلبة مقابل الحالة الغازية).
دراسات نموذجية في الكيمياء الخضراء:
تصنيع مركب Ibuprofen في معامل شركة BHC
مركب الأيبوبروفين ibuprofen هو أحد أكثر العقاقير المسكنة للألم انتشاراً بعد مركب الأسبرين. بدأ تصنيع هذا المركب على نطاق واسع بواسطة شركة بوتس Boots الانجليزية خلال الستينات من القرن الماضي باستخدام طريقة صناعية تضم ستة تفاعلات كيميائية وتؤدي إلى تشكل عدد من المركبات الجانبية التي قد تنطلق إلى البيئة كما يببن الشكل التالي:
بمراجعة دقيقة للتفاعلات الستة السابقة يتبين أن أقل من 40% من وزن جزيئات المواد الداخلة في التفاعلات الكيميائية تدخل في تركيب الناتج النهائي (مركب الأيبوبروفين)، مما يعني هدراً اجمالياً يزيد عن 60% من وزن المواد الاولية اللازمة لتصنيع هذا العقار المهم وهو ما يترجم عمليا إلى 21 ألف طن من الفضلات الصناعية الناتجة عن تصنيع حوالي 18 ألف طن من الأيبوبروفين سنوياً بالطريقة السابقة.
طورت شركة BHC الدوائية في منتصف الثمانينات من القرن الماضي طريقة أكثر كفاءة لتحضير مركب الأيبوبروفين من خلال طريقة صناعية تضم ثلاثة تفاعلات كيميائية وسيطية (بدلاً من ستة) كما يبين الشكل التالي وبمردود 77% من وزن المواد الأولية الداخلة في التفاعلات وبناتج ثانوي وحيد هو حمض الخل الذي يمكن فصله بسهولة وإعادة استعماله مما يرفع المردود الاجمالي إلى حوالي 99%.
بالإضافة إلى الفوائد البيئية في التخفيض الكبير للفضلات الصناعية، تتفوق طريقة شركة BHC في قدرتها على تصنيع كمية أكبر من العقار في مدة زمنية أقصر وبتكلفة مالية أقل مما يعود بفوائد اقتصادية هامة للشركة المنتجة.
حصلت شركة BHC نتيجة هذا التطوير الأساس على عدة جوائز عالمية في مجال الكيمياء الخضراء والتصميم الكيميائي الصناعي.
المصدر: البيئة بلغة الكيمياء/د. ماهر معلا، د. فرانسوا قره بيت. دار الرضا للنشر/دمشق 2009