ترجمة: ريم أبو عاصي، الكيمياء العربي
في عام 1980، تم اختراع مجال علمي تحليلي جديد من قبل مجموعة من الباحثين العاملين في مختبرات Lawrence Livermore National Laboratory و سمي هذا المجال بالمقياس الطيفي الكتلي البيولوجي المسرع Biological Accelerator Mass Spectrometry, AMS، عندها كان تحضير العينة عبارة عن عملية تحتاج للكثير من الوقت، حيث استخدم الباحثون في ذلك الوقت تقنيات اللهب، و الخواء إضافة لعمليات كيميائية خاصة و مهارات عالية المستوى لتحويل عينة بيولوجية إلى هدف غرافيتي يمكن لاحقا تحليله من خلال نظام AMS. هذه السلسة من المعالجات كانت تحتاج ليومين كاملين من العمل لتحضير ثمان عينات فقط!
لاحقاً في عام 1999، أصبحت مختبرات Livermore هي الرائدة في مجال تحليل العينات البيولوجية من خلال المطياف الكتلي المسرع وخاصة في مجال تطبيقات العلوم الطبية البيولوجية ونُصبت تلكم المختبرات كمرجع أول لمعهد الصحة القومي National Institutes of Health, NIH و ذلك بعض خضوع مختبرات Livermore لسلسة من الترقيات في مجال عملها.
حديثاً، قدمت هذه المختبرات التطورات الدرامية المرجوة في تحضيرات العينة البيولوجية وتقنية AMS من قبل مجمعات البحوث الصيدلانية و الطبية البيولوجية من خلال اختصار وقت تحضير العينة لدقائق، فبمساعدة التقنية المتطورة الجديدة لتحضير العينة، يمكن الآن تخطي المرحلة الغرافتية Graphitization. بالإضافة لكل ما سبق، تم تطوير تقنية AMS ذاتها لتصبح أكثرسهولة بحيث يمكن العمل بها في معظم المختبرات بإشراف باحثين في العلوم الطبية البيولوجية و بدون تدخل فيزيائي التسارع.
طريقة عمل تقنية AMS تعتمد على وسم ذرة الكربون -14 لدراسة العمليات البيولوجية المعقدة بشكل دقيق و حساس، كالدراسات في مجالات تضرر الجزيئات في السرطانات، آلية الأدوية و السموم، و التغذية. هذه التقنية التي بدأ تمويلها في عام 2011 يُتوقع أن يتم تحليل 90% من العينات عن طريقها في وقت ما خلال عام 2016، حيث سيتم تحليل مائة عينة بيولوجية سائلة في اليوم بحسب ما صرح غراهام بنش Graham Bench، مدير مركز تقنية المطياف الكتلي المسرع. التقنية لا تعتمد فحسب على الوسم بذرة الكربون -14 و إنما يمكن الوسم بأي من النظائر المشعة الأخرى، و التي يمكن أن تُهضم أوتُمتص لاحقا من قبل مواد الاختبار، و خلال الساعات، الأيام أو الأسابيع اللاحقة، ستظهر تلك النظائر المشعة في الدانا، الدم، البول أو الأنسجة للمادة المُراد فحصها، حيث ستكشف هذه الطريقة الآلية التي يقوم بها الحيوانات و البشر باستقلاب المواد المسببة للسرطان، الفيتامينات، السموم، الأدوية الجديدة المُحتملة و أي مادة بيولوجية أخرى و التي يمكن و سمها بالكربون – 14.
يشرح الكيميائي تيد أوجنيبين Ted Ognibene الذي عمل على جهازAMS لمدة خمسة عشر عاما آلية دراسة استجابة الجسم البشري لأدوية ذات فعالية محتملة، و التي قام الباحثون في مختبرات Livermore بتطويرها و سُميت بالجرعات المايكروية و التي من خلالها يحصل المريض على 100\1 من الجرعة الاعتيادية للعلاج، وبذلك تتم دراسة وقياس سلوكيات الدواء في جسم المريض، حيث أن تلك الجرعة الصغيرة ليس لها أدنى تأثير على الحيوانات أو البشر.
عموما، تستخدم تقنية AMS مُسرع لعد ذرات الكربون -14 في العينة، و هذه التقنية على قدرة عالية من الحساسية لدرجة أنها يمكن أن تجد ذرة نظيرة مشعة من كربون -14 من بين كدريليون ذرة كربون أخرى، وعلى عكس تقنيتي AMS التي تعتمد على نظام 10 مليون فولت أو نظام مليون فولت، فإن النظام الجديد لا يُستخدم المسرع لعد النظائر المشعة ترادفياً، و إنما تعتمد التقنية الجديدة على استخدام سطح عالي الفوليتة موصول بعمود مسرع هوائي و الذي يقوم بتسريع سرعة الشوارد للتخلص من شوارد السطح البيني، لكن الميزة الحقيقة في تطوير التقنية لا تكمن فحسب في اختصار الوقت و إنما في اختصار حجم العينة المستخدمة بمقدار 50000 ضعف، أي من 500 مايكروغرام إلى 10 نانوغرام.
يُعقب السيد بنش قائلاً: “لطالما علمت بأن أحد أكبر العوائق التي يواجهها التحليل البيولوجي بالطيف الكتلي المتسارع هي تعقيد النظام وحاجته لطاقم خبير ومتخصص، لكن التقدم الجديد الذي حصل يُسهل لعلماء العلوم الطبية أن يقوموا بعمليات التحليل بدون تعقيدات أو تدخل من علماء الفيزياء المتسارعة، لقد كان كامل هدفنا التقني في مجال AMS البيولوجي هو تحويل الجهاز لتقنية أصغر، أرخص، أسرع، وأسهل للاستخدام، وبذلك فأننا الآن يمكننا أن نكون أكثر حماسا في مجال علاج السرطان الفردي. هذه التقنية ستحظى بمجال اهتمام ونمو عالٍ في القرن الواحد و العشرين”
السيد كين ترتلتيب Ken Turteltaub مدير قسم العلوم البيولوجية والتقانية في المختبرات، وأحد المطورين الأساسين لعملية AMSالبيولوجية، أكد بأن الهدف الأساسي للمركز خلال الخمس سنوات السابقة هي جعل التكنولوجيا أكثر مرونة في الوصول لها واستخدامها من قبل الباحثين وأكد قائلاً: “هذه الإنجازات تٌعتبر أمرا مهما لأنها ستقوم بدعم الدراسات السريرية الفعلية، لذا قُمنا بتسخير جهود ضخمة للتركيز في زيادة إنتاجية الجهاز، وتبسيط تحضيرات العينة، بالإضافة للمحاولة نحو أتمتة الآلة، وقد نجحنا في ذلك من خلال تطوير مصدر لشوارد غازية والسطح البيني للسلك المتحرك”.
مؤخراً، تلقى المركز منحة بمقدار 7.8 مليون دولار أمريكي وبذلك فإنّ الباحثين في مختبرات Livermore وفي أماكن أخرى سيستمرون في القيام بأبحاث في مجال وسم الأجسام البشرية، وتقييم أعباء تلك الأجسام، في محاولة للإجابة على أسئلة مهمة في مجالات التغذية، السموم، الأدوية، أبحاث السرطان، تطوير الأدوية والعلاج البديل.
المصدر:
Biological sample prep time cut from days to minutes. Lawrence Livermore National Laboratory. https://www.llnl.gov/news/biological-sample-prep-time-cut-dramatically-days-minutes. Shared under CC BY-NC-SA 4.0
Translator: Reem Abou Assi is a postgraduate student in Pharmaceutical Technology at Universiti Sains Malaysia USM.