سوف نتناول اليوم بعض أليات تطوير الأطراف الاصطناعية وسوف نذكر بعض الحالات التي كانت إصاباتها سببًا وراء التفكير في تطوير هذه الأطراف، فهيا بنا.
وُلِد شاندلر سميث Chandler Smith بساق واحدة فقط، نظراً لإصابته بعيب خلقي غير وراثي أدّى إلى تشوّه طرفه السفلي الأيمن (نقص في نمو الفخذ، توقّف نمو قصبة الساق، وتشوّه القدم).
تمّ إدخال شاندلر إلى أحد مشافي شراينرز للأطفال (Shriners Hospitals for Children)، وكان عمره 18 شهراً فقط.
وافق أهل شاندلر على بتر ساق ابنهم واستبدالها بأخرى اصطناعية أملاً في منحه حياة أفضل، وجاء قرار الموافقة بعد استشارة عدد من الأطباء والمرشدين الاجتماعيين والمعالجين الفيزيائين والمعالجين المهنيين. تم تركيب أول ساق اصطناعية لشاندلر مصنوعة من التيتانيوم، وتصل إلى ما فوق الركبة.
على الرغم من مشكلته الواضحة، يقول شاندلر أنه وُلد ليكون لاعباً رياضياً، فهو يلعب المصارعة، كرة القدم، كرة السلة، الجولف، واللكروس.
1 ■ تعديل الساق الاصطناعية:
في مرحلة طفولته، وجب على شاندلر تبديل ساقه الاصطناعية كل عام تقريباً.
اعتاد شاندلر في الماضي على استعمال ساق اصطناعية لها ركبة، ولكنّه عانى بعض الوقت للتأقلم مع ساقه الجديدة التي لا ركبة لها. على سبيل المثال، إذا أراد شاندلر أن يركض فعليه أن يحرّك ساقه بحيث يرسم دائرة بقدمه مع تثبيت الجزء الأعلى من الساق.
كان شاندلر مدركاً للمشاكل الأخرى، وخصوصاً إذا لم تتأقلم بقيّة فخذه مع الساق الاصطناعية الجديدة. بدأ شاندلر بممارسة تمارين معيّنة في مركز معالجة فيزيائية، كالتمارين على المتوازي، السلالم، الأسطح المائلة والأفقية.
تمتاز ساق شاندلر الجديدة ببعض التعديلات الصغيرة التي تؤثّر إيجابياً على منطقة التماس في بقية الفخذ، ساعدت هذه التعديلات على تأقلم شاندلر بسرعة مع الساق.
من ناحية أخرى، يواجه شاندلر مشكلة مادية إذ يتراوح ثمن الساق الاصطناعية من 5000 إلى 15000 دولار أمريكي، والجدير ذكره أن عائلة شاندلر لم تكن معنية بالتكاليف حتى بلوغ ابنها 18 عاماً، لأن مشافي شراينرز للأطفال قدّمت كل ما يلزم لشاندلر مجاناً.
تتوقّف مشافي شراينرز للأطفال عن تقديم خدماتها المجانية بعد بلوغ المرضى 18 عاماً، ولذلك توجّب على عائلة شاندلر البحث عن مصدر تمويل آخر فأطلقت حملة تبرّعات من خلال موقع الكتروني. تشبه ساق شاندلر الجديدة تلك الظاهرة على يسار الشكل رقم 1. يقول شاندلر أن ساقه الجديدة تمكّنه من الركض لمسافات أطول ودون ألم.
2 ■ البوليمرات المرنة السيليكونية وتطوير الأطراف الاصطناعية
لضمان عمل الساق الاصطناعية لستة أشهر على الأقل، لا بد أن تكون الساق متينة، ويمكن تركيبها طيلة اليوم دون أي إزعاج، ولا تسبّب تهيّجاً للجلد، ويجب أن تُغسل يومياً. بناءً على ما سبق، أجرى دينيس جوردان Denis Jordan بعض التحسينات في الجورب والبطانة، يعمل دينيس كمصمّم للأطراف الاصطناعية في مشافي شراينرز للأطفال. تُعتبر البطانة غطاءً واقياً لبقية الطرف المبتور، وتتموضع بين مكان البتر والجورب (انظر الشكل رقم 1). تمتاز البطانة عموماً بأنها ليّنة ومريحة أكثر من الجورب، ولكنها لا تغني عنه في تحمّل الوزن المطبّق على كامل الساق الاصطناعية.
تُستعمل البوليمرات المرنة السيليكونية (Silicone Elastomers) في بطانة ساق شاندلر الاصطناعية، تمتاز هذه البوليمرات بأنها مرنة، مقاومة للمواد الكيميائية، لا تتأثر بتغيرات درجة الحرارة، ولها عدّة أشكال (سائلة، هلامية، مطاطية، وقاسية).
3 ■ الألياف الكربونية وتطوير الأطراف الاصطناعية
اعتاد شاندلر على تبديل قدمه الاصطناعية وفقاً لاستخدامها المرغوب (في المشي أو الركض مثلاً). تدخل الألياف الكربونية (Carbon Fibers) في تكوين قدم شاندلر الاصطناعية المخصّصة للركض، فماذا نعلم عن هذه الألياف؟
الألياف الكربونية عبارة عن ألياف (خيوط) دقيقة تتراوح أقطارها بين 5 و10 ميكرومتر، وتتكوّن معظمها من ذرات الكربون. تمتاز الألياف الكربونية بخفتها، وهي أقوى بعشر مرات من التيتانيوم، ولا تتمدّد عند ارتفاع درجة الحرارة.
هناك العديد من الطرق لإنتاج الألياف الكربونية ابتداءً من عدة مواد. سنكتفي في هذه الفقرة بنبذةl
عن تصنيع الألياف الكربونية ابتداءً من جزيئات الأكريلونتريل (acrylonitrile):
البداية من بلمرة جزيئات الأكريلونتريل (CH2CHCN) مع بعضها لإنتاج بولي الأكريلونتريل. يلي ذلك تسخين بولي الأكريلونتريل في الهواء (200 ºC إلى300 ºC ) فتشكّل مجموعات السيانو الجانبية (–CN) حلقات دائرية مع بعضها البعض. يؤدي استمرار التسخين إلى فقدان ذرات الهيدروجين. (انظر الشكل رقم 6).
بعد ذلك، تُسخّن البوليمرات ببطء لدرجة حرارة تتراوح من 400 ºC إلى 600 ºC فترتبط البوليمرات المتجاورة مع بعضها، (انظر الشكل رقم 7)، حيث تتشكّل صفيحة من بنى سداسية الشكل.
تتموضع الصفائح فوق بعضها البعض لتشكيل ليف كربوني واحد. تتشابك عدة آلاف من الألياف الكربونية لتشكيل خيط واحد يتم حبكه مع خيوط أخرى لتشكيل بنية قماشية.
تُستعمل الخيوط أو الأقمشة الكربونية مع مواد أخرى (يتم لفّها أو قولبتها مع بعضها)، فنحصل بذلك على مادة خفيفة وقوية تشبه تلك المستعملة في قدم شاندلر.
[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”] | [/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”] |
4 ■ الاندماج العظمي والاستغناء عن الجورب:
اقترح البروفسور السويدي برانمارك Per-Ingvar Branemarkمصطلح “الاندماج العظمي osseointegration” للدلالة على الارتباط المباشر بين العظم الحيّ وأسطح الغرسات الصنعية.
وقد وضع المصطلح من كلمتين إحداهما يونانية (osteon) بمعنى (عظم)، والأخرى لاتينية (integrare) بمعنى (يوحّد ككلّ).
جاء ذلك بالصدفة في خمسينيات القرن الماضي عندما لاحظ برانمارك الاندماج الحاصل بين عظم الأرانب وغرسات من التيتانيوم.
يجب على أي مادة مغروسة (مزروعة) في الجسم أن تتوافق مع الأنسجة الحية (يُعرف ذلك بالتوافق الحيوي)، ويشمل ذلك عدم تحرّر أي مواد مؤذية من المادة المزروعة إلى الجسم. يحقّق التيتانيوم شرط التوافق الحيوي.
التيتانيوم عبارة عن فلز انتقالي ذي لمعة فضية، مقاوم بشدّة للتآكل في المياه المالحة.
وتفيد الخواص السطحية للتيتانيوم في جعله أكثر مقاومة لسوائل الجسم بسبب تشكّل طبقة واقية من ثنائي أوكسيد التيتانيوم (TiO2)، حيث تتشكل هذه الطبقة طبيعياً بوجود الأوكسجين.
استفاد الباحثون من مبدأ الاندماج العظمي للاستغناء عن جورب الساق الاصطناعية (انظر الشكل رقم 1). للتذكير، يرتدي شاندلر سميث ساقاً اصطناعية لها جورب وبلا ركبة.
يتألّم مستخدمو الجورب عند فكّ أو تركيب بقية الساق، بسبب نمو أو تقلّص بقية الطرف داخل الجورب، أو بسبب الاحتكاك والتهيّج خصوصاً عند غياب النظافة.
- يتمّ إدخال غرسة تيتانيوم ملولبة في نقي العظم القريب من مكان البتر. بعد عدّة أشهر، ستندمج غرسة التيتانيوم مع العظم.
- حيث ينمو العظم والأوعية الدموية بشكل طبيعي. عندئذ، تُربط غرسة التيتانيوم بوصلة من التيتانيوم من خلال الجلد والأنسجة الليّنة.
بعد ذلك، يمكن تركيب بقيّة الساق الاصطناعية وإزالتها بسهولة من مكان الوصلة دون الحاجة إلى وجود جورب.
- تمتاز هذه الساق الاصطناعية بمجال واسع للحركة، وتزيد من قدرة المشي، وتحسّن من الإحساس في الجلد والعضلات، ولا يعاني مستخدميها من مساوئ الجورب المستعمل في الساق الاصطناعية التقليدية.
ولكن، لا تعدّ غرسة التيتانيوم مناسبة لشاندلر وغيره من الرياضيين، لأنّ التيتانيوم أقسى بمرتين من العظم.
(قد ينكسر العظم المتصل بالتيتانيوم عند ممارسة الرياضة بعنف)، إضافة إلى احتمال تزحزح غرسة التيتانيوم من مكانها. تُمنع أحياناً بعض النشاطات كالركض والقفز.
وبهذا نكون أنهينا حديثنا حول أليات أليات تطوير الأطراف الاصطناعية .
المصدر:
Chemistry Helps Athlete Keep Moving. (April 2016). American Chemical Society (ACS). Retrieved April 17, 2016, from http://www.acs.org/content/acs/en/education/resources/highschool/chemmatters/past-issues/2015-2016/april-2016/salt-facts.html
Teacher’s Guide. (April 2016). American Chemical Society (ACS). Retrieved April 17, 2016, from http://www.acs.org/content/dam/acsorg/education/resources/highschool/chemmatters/teacherguide/chemmatters-tg-april2016-prosthetics.docx
What is Osseointegration? (n.d.). Osseointegrated Prosthesis for the Rehabilitation of Amputees (OPRA). Retrieved April 17, 2016, from http://www.opraosseointegration.com/about
[/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]