تعرفنا في الجزء الأول من هذا الموضوع على مركب الكابساسين الموجود في الفلفل الحار وتعرفنا كذلك على الطريقة الصحيحة في التخفيف من الحرارة التي نشعر بها بعد تناول الفلفل الحار.
في الجزء الثاني سنلقي نظرة على ما يحصل داخل أجسامنا بعد تناول الفلفل الحار وكيفية شعورنا بالحرارة، وسنتعرف أيضاً على الاستخدامات الأخرى للكابساسين.
الشعور بالحرارة
من المؤكد أنك تشعر بحرارة شديدة في فمك بعد تناول الفلفل الحار، ولكن إن وضعت مقياسًا للحرارة في فمك، فإنه لن يسجّل أي ارتفاع في درجة الحرارة. صدّق أو لا تصدّق، فإنّ أشدّ أنواع الفلفل حرارة لن ترفع درجة حرارة فمك على الإطلاق. ما يحدث فعلًا هو أن الفلفل الحار يحفز مستشعرات الألم الموجودة في اللسان والفم وأسفل البلعوم والتي ترسل بدورها إشارة إلى الدماغ ليجعلك تشعر بارتفاع في حرارة الفم. وبما أنّ الكابساسين مادة مهيجة، فإن الشعور بالحرارة هي الوسيلة التي يستخدمها الجسم لإجبارك على تناول بعض الطعام أو الشراب في محاولة للتخلص من حالة التهيّج هذه.
مستقبلات الألم هي بروتينات تمتلك شكلاً معيناً يتلائم فقط مع جزيئات معينة، ولبعض من هذه المستقبلات الشكل الملائم لاحتواء الكابساسين، بصورة تشبه القفل والمفتاح. فعندما ترتبط جزيئة الكابساسين بإحدى هذه المستقبلات، تتدفق أيونات الكالسيوم (Ca2+)، ويؤدي هذا التدفق إلى تحفيز إفراز النواقل العصبية (النواقل العصبية هي مواد كيميائية تنتقل من عصب إلى آخر) التي ترسل الرسالة إلى الدماغ، ويفسّر الأخير هذه الرسالة بالألم الذي تشعر به على لسانك. ويحفز الكابساسين كذلك نوعًا من المستقبلات التي تتحسس الحرارة، وتعرف هذه المستقبلات بالمستقبلات الحرارية.
يمكن أن تتطور قدرة الإنسان على تحمل الطعام الحار، فبصورة عامة تفقد مستقبلات الألم قدرتها على تحسس الألم إذا ما تناول الإنسان كميات كبيرة من الطعام الحار ولفترات زمنية طويلة، وهذا ما يسمح بتناول طعام أشد حرارة مع مرور الوقت.
ولكن في بعض الحالات، لا تفقد مستقبلات الألم قدرتها على تحسس الألم الناتج من تناول الفلفل الحار، وفي مثل هذه الحالات قد تظهر حالات استجابة تحسسية تتسبب في التهاب الحلق وصعوبة في التنفس، وقد يحدث ضرر في الأمعاء أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، فإنه عند تناول كميات كبيرة جداً من الفلفل الحار دفعة واحدة، فمن المحتمل أن تحصل حالة تقيّؤ كوسيلة دفاعية يتخذها الجسم في محاولة منه للتخلص من هذه المادة.
هل يمكن تحديد حرارة الفلفل من شكله فقط؟
لتحدد مدى حرارة الفلفل، انظر إلى الرأس الأخضر لقرن الفلفل والذي يربطه بالنبتة. بشكل عام كلما كان الرأس أرفع كان الفلفل أكثر حرارة، ويدّعي بعض المزارعين أن الفلفل ذو الرأس المنحني أكثر حرارة من الفلفل ذو الرأس المستقيم.
أما في حالة كون الفلفل من فصيلة واحدة، فإن الأحجام الصغيرة تكون أشد حرارة من الأحجام الكبيرة.
كذلك تزداد حرارة الفلفل كلما نضج أكثر، وهذا يعني أن الفلفل الأحمر أكثر حرارة من الفلفل الأخضر.
ودائماً ما يكون الفلفل المجفف أشد حرارة من الفلفل الطازج، والسبب في ذلك هو تبخر الماء من النبات، ما يؤدي إلى زيادة تركيز مادة الكابساسين.
الاستخدامات الأخرى للكابساسين
يستخدم الكابساسين كمسكن للآلام، ويمكن وضعه على الجلد كرقعة أو كمرهم، ويستخدم في تسكين آلام المفاصل وداء القوباء وتشنّج العضلات. عند وضع الكابساسين على الجلد، تبدأ تلك المنطقة بإرسال سيل مستمر من النواقل العصبية إلى الدماغ، محفزة إشارات الألم في الجسم، وعند نضوب هذه النواقل العصبية ينتهي الشعور بالألم، أي أن ما يحدث هو استبدال ألم شديد قصير الأمد بألم بسيط ومستمر قد اعتاد عليه الجسم، ولكن من الجدير بالذكر أن الألم قد يعود مرة أخرى عند إزالة الكابساسين من الجلد، وذلك لأن النواقل العصبية تتكون مرة أخرى في تلك المنطقة.
[fusion_builder_container hundred_percent=”yes” overflow=”visible”][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]يُعتقد أن وجود الكابساسين في الفلفل هو وسيلة دفاعية، إذ أنه يلعب دورًا مهمًّا ضد نوع معين من الفطريات التي تعتاش على الفلفل.
هل يؤدي تناول الفلفل إلى تبريد الجسم؟
ينتشر الفلفل الحار في الأجواء الحارّة، وهو شائع جداً في المكسيك والهند، ولكن ما الذي سيدفعك إلى تناول الفلفل الحار إذا كان الجو حارًّا أصلاً؟ ألن تشعر بحرارة أكبر؟.
يميل جسم الإنسان إلى التعرق عند تناول الفلفل الحار، والتعرق هي ميكانيكية يتبعها الجسم للتبريد، وعند تبخر العرق تزول طاقة من الجسم، وتعدّ عملية التبخر عملية ماصّة للحرارة Endothermic، وذلك لأنه يجب الحصول على الطاقة للتغلب على قوى التجاذب بين الجزيئات الموجودة في العرق والتي تكون في الطور السائل، هذه الطاقة ستسمح للجزيئات بالتحول إلى الطور البخاري، فيتحول العرق إلى غاز، وهذا ما يفسر شيوع تناول الفلفل الحار في المناطق التي تتمتع بأجواء حارّة.
الفلفل الحار مفيد للصحة، فهو يحتوي على ثلاثة أضعاف من كمية فيتامين C الموجودة في البرتقال، وهو محمّل أيضاً بكميات من فيتامين E و A، بالإضافة إلى حمض الفوليك والبوتاسيوم. وهناك بعض الأدلة على أن الفلفل الحار يساعد على تخفيف الوزن وذلك عن طريق زيادة سرع الأيض في الجسم، كما يعمل الكابساسين على زيادة سرعة الإنتاج الحراري Thermogenesis، وهي العملية التي تنتج الخلايا من خلالها حرارة داخل الجسم.
إذن، عندما تقرر في المرة القادمة أن تصبح شجاعاً وتتناول الفلفل الحارّ جدّاً، تأكد من أنك قادر على تحمل الفلفل ذو الحرارة المنخفضة أولاً، وتأكد كذلك من وجود كأس كبير من الحليب في متناول اليد.
المصدر:
Brian Rohrig. Hot Peppers: Muy Caliente! ChemMatter Online. Retrieved September 2, 2015, from http://www.acs.org/content/acs/en/education/resources/highschool/chemmatters/past-issues/archive-2013-2014/peppers.html
[/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]