ماذا لو سافرنا بسرعة أكبر من سرعة الضوء؟

ترجمة بتصرف: مروة بكداش، الكيمياء العربي


Image credit: Sven Geier, retrieved from Alpha Centauri.

عندما كنا صغاراً، كنا نستغرب من قدرة باتمان على الحركة بسرعة أكبر من سرعة رصاصة منطلقة. كنا دائماً نرسمه يطارد قذيفة أُطلقت من سلاح، وذراعه اليمنى ممتدة ورداءه يمتد من خلفه. لو أنه تحرك بنصف سرعة الرصاصة فإن المعدل الذي ستبتعد به الرصاصة عنه سيكون النصف، ولو أنه في الواقع تحرك أسرع من الرصاصة فإنه سيسبقها ويقودها، انطلق باتمان! بعبارة أخرى، السلوك الجوي الغريب لسوبر مان وافق وجهات نظر نيوتن عن الزمان والمكان والتي تقول: إن مواقف وحركات الأجسام في الفضاء يجب أن تكون كلها قابلة للقياس النسبي إلى المطلق. نظم مرجعية غير متحركة.

في وقت مبكر من القرن التاسع عشر، وضع العلماء ثابت للنظرة النيوتينية للعالم. وبعد ذلك قام العالم الرياضي والفيزيائي ألماني المولد ألبرت أينشتاين بتغيير كل شيء. في عام 1905، نشر أينشتاين نظريته النسبية الخاصة، والتي وضع فيها فكرة مذهلة: لا يوجد نظام مرجعي مفضل. كل شيء حتى الزمن أمر نسبي. ترتكز نظريته على مبدأين هامين. الأول أن قوانين الفيزياء نفسها تنطبق بالمساواة على جميع النظم المرجعية المتحركة باستمرار. والثاني يقول إنّ سرعة الضوء — حوالي 186,000 ميل في الثانية الواحدة (300,000 كيلومتر في الثانية) — هو ثابت مستقل عن حركة المراقب أو مصدر الضوء. من خلال أينشتاين، إذا كان على سوبرمان مطاردة شعاع الضوء بسرعة تساوي نصف سرعة الضوء، فإن الشعاع سيستمر بالابتعاد عنه بنفس السرعة تماماً.

هذه المفاهيم تبدو بسيطة بشكل خادع، إلا أن لها آثار تخضع للعقل. أكبرها يتمثل بمعادلة أينشتاين الشهيرة: E = mc²، حيث E الطاقة، m الكتلة، c سرعة الضوء. ومن خلال هذه المعادلة نجد أنّ الكتلة والطاقة لهما الكيان الفيزيائي نفسه ويمكن أن يتحول أحدها إلى الأخر. وبسبب هذا التكافؤ، فإنّ الطاقة التي تسبب حركة الجسم ستزيد كتلته. بعبارة أخرى، بازدياد سرعة الجسم ستزداد كتلته. وهذا يكون ملحوظ فقط عندما يتحرك الجسم بسرعة كبيرة حقاً. فإذا تحرك مثلاً بسرعة تساوي 10% من سرعة الضوء فإن كتلته ستكون أكبر 0.5% فقط. أما إذا تحرك 90% من سرعة الضوء فإن كتلته ستكون الضعف.

عند اقتراب الجسم من سرعة الضوء، فإنّ كتلته تزداد بشدة. إذا حاول جسم السفر بسرعة 186,000 ميل في الثانية، فإن كتلته ستصبح لا نهائية، وهذا ما تفعله الطاقة اللازمة لتحريكه. لهذا السبب، لا يمكن لكائن طبيعي السفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء.

هذا يجيب على أسئلتنا، ولكن دعونا نمرح قليلاً في الفقرة التالية ونعدل السؤال قليلاً.

السرعة تقريباً سرعة الضوء؟

لقد تطرقنا إلى السؤال الأصلي، ولكن ماذا لو عدلنا السؤال وقلنا: “ماذا لو سافرت بسرعة مساوية لسرعة الضوء؟” في هذه الحالة، ستواجه تأثيرات ممتعة. إحدى النتائج الشهيرة هو أمر فيزيائي يسمى تمدد الزمن، والذي يصف كيف يمتد الوقت ببطء أكثر كلما تحركت الأجسام بسرعة كبيرة. إذا حلقت على متن صاروخ يسافر بسرعة 90% من سرعة الضوء، فإن مرور الوقت بالنسبة لك سيكون النصف. ستتقدم ساعتك عشر دقائق، في حين أنه سيمر أكثر من عشرين دقيقة على المراقب على سطح الأرض.

ستجرب أيضاً بعض الظواهر البصرية الغريبة. أحدها يسمى الانحراف: وتوضح هذه الظاهرة كيف أن مجال بصرك سيتقلص للأصغر على شكل نفق “نافذة” من أمام المركبة الفضائية الخاصة بك. يحدث ذلك لأن الفوتونات (حزم صغيرة جداً من الضوء)..حتى الفوتونات التي خلفك.. يظهر أنها تأتي من الاتجاه الذي أمامك. بالإضافة إلى ذلك ستلاحظ تأثير دوبلر المتطرف، الذي قد يجعل الأمواج الضوئية الصادرة من النجوم تحشد أمامك، الأمر الذي يجعل الأجسام تبدو زرقاء. الأمواج المنبعثة من النجوم التي خلفك تنتشر بعيداً وتظهر باللون الأحمر. وكلما انطلقت أسرع، تصبح هذه الظاهرة أكثر تطرفاً لدرجة أن كل الضوء المرئي من النجوم التي أمام مركبتك الفضائية والنجوم التي في الخلف تخرج تماماً من الطيف المرئي المعروف (الألوان التي يمكن للبشر رؤيتها). وعندما تخرج هذه النجوم من الأطوال الموجية الملحوظة بالنسبة إليك، فإنها ببساطة تتلاشى إلى الأسود أو تختفي.

بطبيعة الحال، إذا كنت تود السفر أسرع من الفوتون، فإنك ستحتاج إلى أكثر من التكنولوجيا الصاروخية التي سبق استخدامها لعدة عقود.

ربما تكون الجوارب الزرقاء والرداء الأحمر ليس بعيد المنال بعد كل هذا!

المصدر:

Harris, William. (21 July 2011). What if you traveled faster than the speed of light?. HowStuffWorks.com. Retrieved from: http://science.howstuffworks.com/science-vs-myth/what-if/what-if-faster-than-speed-of-light.htm

شارك هذه المادة!
Exit mobile version