النيتروجين لإنتاج الهيدروكربونات
تحتاج النباتات إلى النيتروجين والكربون لكي تنمو. يسمح التركيب الضوئي لها بأن تحصل على الكربون مباشرة من الهواء، ولكن يجب على النباتات أن تحصل على النيتروجين من خلال جذورها على شكل جزيئات عضوية مثل الأمونيا أو اليوريا.
على الرغم من وفرة النيتروجين في الهواء، حيث يشكّل 80% تقريباً من الغلاف الجوي للأرض، غير أنّ النباتات لا يمكن لها أن تحصل عليه إلّا في شكله الثابت – المرتبط. وبالتالي يستخدم المزارعون الأسمدة لتوفير النيتروجين لمحاصيلهم. إنّ الكائنات الحية الوحيدة التي تستطيع تحويل النيتروجين مباشرة من الهواء إلى جزيئات قابلة للاستخدام هي الكائنات الحية الدقيقة، مثل بكتيريا العقيدات. إذ أنّها تملك أنزيم النيتروجينايز الذي يجمع النيتروجين والهيدروجين لتكوين الأمونيوم.
الأستاذ الدكتور أوليفر اينسل Oliver Einsle والدكتور توماس سباتزال Thomas Spatzal في دراسة جديدة، لم يساهما فقط بالمزيد من توضيح كيفية عمل هذا الأنزيم، بل وصفا آلية فريدة من نوعها يستخدمها الأنزيم لإنتاج الهيدروكربونات. حيث يوضّح آينسل “نريد أن نفهم ردود فعل النيتروجينايز من أجل جعل الأنزيم متاح لتطبيقات التكنولوجيا الحيوية في المستقبل. في الوقت الحاضر، نصف البشرية لا يمكن أن يؤمّن لها الغذاء إلّا عن طريق استعمال الأسمدة في الزراعة. هذا يستهلك قرابة 1% من إنتاج الطاقة في العالم.”
أظهر الباحثون للمرة الأولى كيف يقوم النيتروجينايز بتحويل أول أكسيد الكربون. وهذا يؤدي إلى إنتاج جزيئات تشبه الوقود الحيوي. يضيف آينسل: “لهذا, الأنزيم هو مثير للإهتمام لإنتاج الطاقة المستدامة.” يدرس آينسل الهيكل المجهري بقلب الأنزيم: جوهر معدني كبير يدعى العامل المساعد للموليبدينوم الحديدي (FeMoco)
حصل كل من آينسل، باتزال والأستاذ الدكتور دوغلاس ريس في باسادينا، الولايات المتحدة الأمريكية، على تركيب بلّوري يوضّح كيف يمكن لجزيء أول أكسيد الكربون أن يرتبط بالعامل المساعد FeMoco. يوضّح آينسل “هناك، فإنه يدفع بشكل غير متوقع ذرة الكبريت بعيداً التي شغلت سابقاً نفس الموضع في الجوهر المعدني. وهذا يتيح لنا لأول مرة التوصل إلى استنتاجات حول كيفية تفاعل الجوهر المعدني مع جزيئات أخرى”
ونشر الباحثون نتائج دراستهم في مجلة ساينس العلمية. يقول آينسل: “لم يسبق أن لوحظ إعادة ترتيب كيميائية من هذا النوع في النظام البيولوجي من قبل”. وقد كان من المعروف منذ عام 2010 أن أول أكسيد الكربون، وهو مثبط للنيتروجينايز، يتم تحويله ببطء إلى هيدروكربونات إلى الحد الأدنى. وجد الباحثون من خلال تطبيق غاز أكسيد الكربون إلى الإنزيم خلال عملية تفاعل النيتروجينايز موقع ملزم لأول اكسيد الكربون. كما نجحوا في توثيق عملية الترتيب الكيميائية.
وهكذا يمكن للنيتروجينايز بالإضافة إلى استخدام ما يسمى بـ “عملية هابر بوش لتثبيت النيتروجين” تخفيز تفاعل كيميائي مماثل لتفاعل “اصطناع فيشر تروبش من الهيدروكربونات” والتي يمكن استخدامها على نطاق واسع لتركيب الوقود، مثلاً، من النفايات الصناعية الغازية.
ويقول آينسل: “التحليل الهيكلي الجديد هو أول وصف -من أي وقت مضى- لآلية من هذا التفاعل غير العادي.” والجدير بالذكر بأنّ أوليفر آينسل يعمل كأستاذ في معهد الكيمياء الحيوية في جامعة فريبورج و هو عضو في كتلة مركز التميز للدراسات Cluster of Excellence BIOSS Centre للدراسات البيولوجية التأشيرية Biological Signalling Studies، في جامعة فرايبورغ. وأكمل الدكتور توماس سباتزال أطروحته في فرايبورغ ويجري الآن البحث مع دوغلاس ريس في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، الولايات المتحدة الأمريكية.
المصدر: