التأثير العالمي لطاقة الوقود الأحفوري
تنتج محطّات الطّاقة التّي تعمل بواسطة الوقود الأحفوري مرُكباتٍ أكثرَ خطورةً من غاز ثنائي أكسيد الكربون (CO2)،
الذي يساهم بشكلٍ كبيرٍ في ظاهرة الاحتباس الحراري،
حيث ينطلق أيضاً ثاني أكسيد الكبريت (SO2)، أكسيد النتروجين (NO)، والزئبق (Hg)، هذا بالإضافة إلى جُسيماتٍ تُدعى بالـ (الذريرات المادّية)،
وهي جسيماتٌ صلبةٌ أو سائلةٌ ذاتُ أبعادٍ مجهريةٍ صغيرةٍ جداً، وتبقى معلقةً في غلاف الأرض الجوّي؛
ومعروفة اصطلاحاً بـِ (الجسيمات المجهرية الدقيقة – Matter = PM Particular)،
مما يسبب ضرراً على الصّحة العامّة لكثيرٍ من النّاس وبطرقٍ مختلفة.
الجدير بالذكر، أنَّ محطات الطّاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري هي محطاتٌ تستخدم الفحم الحجري، الغاز الطبيعي، والبترول لتوليد الطاقة الكهربائية.
ولمعرفة أكثر ِالأماكن الّتي تحتاج إلى تدخلٍ بشكلٍ فوري وعاجلٍ؛ قام فريقٌ من الباحثين من معهد الهندسة البيئة في زيوريخ / سويسرا (ETH Zurich’s Institute of Environmental Engineering)
برئاسة الباحثة البروفيسورة (ستيفاني هيلويج – Stefanie Hellweg) بنمذجة وحساب الأثار الجانبية غير المرغوبة للوقود الأحفوري
وذلك لكلّ وحدةٍ من وَحدات الطّاقة البالغِ عددها 7686 وحدة في العالم.
مستوياتٌ للتلوث غير متكافئة من الوقود الأحفوري
لقد أظهرتِ الأبحاثُ التّي تم نشرها مؤخراً في صحيفة “الطبيعة المستدامة – Nature Sustainability”
أنّ الصّين والولايات المتحدة الأمريكية هما أكبر منتجٍ للطاقة باستخدام الوقود الأحفوري.
لكن بالمقابل فإنّ محطات توليد الطّاقة في الهند تدقّ ناقوس الخطر، وينتج عنها أكبرَ الخسائر في العالم فيما يتعلق بأمور الصّحة!!
حيث يوجد في أوروبا الوسطى، وأمريكا الشمالية، والصّين أيضا محطاتٌ حديثةٌ لتوليد الطّاقة.
بينما لا تزال أوروبا الشّرقية، الهند، وروسيا أيضا تملك العديد من المحطّات القديمة المجهزةِ بتقنياتٍ غير كافية للمعالجة والتخلّص من غاز المداخن.
وبالتالي كنتيجةٍ لذلك فإنّ محطاتِ توليد الطّاقة تلك تعمل فقط على إزالة جزءٍ ضئيلٍ من الملوثات؛ عدا عن استخدامها وحرقها لفحمٍ حجريّ من النوع الرديء.
يقول (كريستوفر أوبرشيلب – Christopher Oberschelp)، المؤلف الرئيسي للدراسة: “يمكن إرجاع أكثرِ من نصف التأثيرات الصّحية إلى عُشر محطات الطّاقة فقط؛
لذا يجب تطوير هذه المحطات أو إغلاقها في أسرع وقتٍ ممكن.”
يمكنك الاطلاع أيضًا على: الطحالب المجهرية كمصدر واعد للوقود الحيوي معالجة بطريقة التحليل الكهربي
مسائلُ تتعلق بالجودة والوقود الأحفوري
يتضح من الصورة العالمية لإنتاج الطّاقة من الفحم الحجري أنّ الفجوة تتسع ما بين الدّول التّي تملك امتيازاتٍ كبيرة، والبلدان التي تحتاج إلى رعايةٍ واهتمام، وهذا يحدث لسببين:
فأمّا الأول؛ فإنّ البُلدان الغنية – كـ أوروبا مثلاً – تستورد الفحم عاليَ الجودة، ذو القيمة الحرارية العالية، والانبعاثات المنخفضة من ثاني أكسيد الكبريت الضّار (SO2).
بينما البلدانُ الأكثرُ فقراً (مثل إندونيسيا، كولومبيا، وجنوب أفريقيا) والتي يمكن اعتبارها المُصدّرَ للفحم الحجري.
فإنّها تستخدم فحماً منخفضَ الجودة لتشغيل محطاتِ توليد الطّاقة التي عفا عليها الزمن بدون تقنياتِ معالجة غاز المداخن الحديثة للتخلص من ثاني أكسيد الكبريت.
وأمّا السبب الثاني وبحسب قول (أوبرشيلب) هو: “نحن في أوروبا نساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال محطات الطّاقة الخاصة بنا، والتّي لها تأثيرُ عالمي.
لكن بالرّغم من ذلك، فإنّ الأضرار الصّحية المحلية النّاجمة عن الجسيمات المجهرية (PM)، ثاني أُكسيد الكبريت، وأُكسيد النيتروجين تحدث بشكلٍ رئيسي في آسيا؛
حيث يتم استخدام طاقةُ الفحم الحجري في تصنيع نسبة ٍكبيرةٍ من منتجاتنا الاستهلاكية!!.
يمكنك الاطلاع أيضًا على: نتائج مختلفة للتحليل الكهربائي عند استخلاص مصادر الوقود من الطحالب الدقيقة
تخوفٌ من ازدياد استخدام طاقة الفحم الحجري:
إنّ مصادرَ الفحم الحجري العالمية ستستمر لعدّة مئاتٍ من السّنين، وبالتّالي فإنّ الانبعاثاتِ الضّارة يجب أنْ تكونَ مضبوطةً، وأيضا ينبغي سن القوانين للحدّ منها.
وهنا يقول (أوبرشيلب): “إنّه من الأهمية بمكان ترك الفحم الذي يحتوي على كمياتٍ كبيرةٍ من الزّئبق والكبريت في الأرض.”
لذا يجب أنْ يكون العمل على الحدّ من الآثار الصّحية السّلبية لتوليد الطّاقة من الوقود الأحفوري أولويةً عالميةً؛
لكن للأسف مازال التّصنيع وخاصةً في الصّين والهند خطرًا يؤدي لتفاقم الوضع بدلاً من التقليل منه.
إنّ تكاليف الاستثمار الأولية لبناء محطةٍ حديثةٍ تستخدم الفحم الحجري مرتفعة، ولكنّ تكاليف التشغيل اللّاحقة منخفضة؛
وبالتّالي فإنّ لمشغلي محطات توليد الطاّقة مصلحةٌ اقتصادية في الحفاظ على تشغيل محطاتهم لفترةٍ طويلةٍ.
ختاماً يقول (أوبرشيلب): “إنّ الخيار الأفضل هو عدم بناء أيّ محطات جديدةٍ لتوليد الطّاقة من الفحم حفاظاً على الصّحة والبيئة،
ويجب أن نبتعد عن الفحم، بل ونلجأ إلى الغاز الطّبيعي؛
أيضا على المدى البعيد علينا البحثُ عن مصادرَ أخرى للطّاقة المتجددة.”
المصادر:
Oberschelp, C., & et al. Global emission hotspots of coal power generation, Nature Sustainability, 2019, 2 (2): 113 DOI: 10.1038/s41893-019-0221-6
The global impact of coal power, ETH Zurich, Retrieved December 1, 2019, from https://ethz.ch/en/news-and-events/eth-news/news/2019/02/global-impact-coal-power.html
What is Particulate Matter? US EPA, Retrieved December 1, 2019, from https://www3.epa.gov/region1/eco/uep/particulatematter.html