لماذا أيون البرمنغنات ذو شدة لونية عالية؟
ترجمة بتصرف: ميشيل رحال، الكيمياء العربي
يملك أيون البرمنغنات –MnO4 لون بنفسجي جميل وشديد، وهو خيار شائع من أجل تفاعلات الأكسدة. الشدة اللونية موجودة حتى عندما يكون ممدداً في المحلول.
من السهولة تحديد معامل الامتصاص المولي ɛ من قانون بير-لامبيرت فنجد أنّه يساوي 2334L mol−1 cm−1 من أجل طول موجة الامتصاص الأعظمي: 523 نانومتر.
رقم تكافؤ ذرة المنغنيز المركزية في أيون البرمنغنات هو +7، حيث يوجد المنغنيز ضمن المجموعة السابعة في الجدول الدوري، إذن فرقم التكافؤ +7 هو محقق بحذف الكترونات المدارات الخارجية: الالكترونات الخمس في مدارd والكتروني مدار S.
يكون المنغنيز ضمن البرمنغنات، ذو تشكيل الكتروني d0 أي أن مدار d فارغ من الالكترونات، لكن هذه الفكرة تدعونا للتفكير: إذا كنا نرى اللون بسبب الاثارة الضوئية للالكترونات، كيف يمكن لأيون البرمنغنات أن يكون له لون، طالما أنه لا توجد الكترونات في المدار الأخير؟ الجواب هو ظاهرة انتقال الشحنة Charge transfer.
بنظرة غير معمقة إلى أيون البرمنغنات، يمكن اقتراح أن ذرة المنغنيز المركزية لها شحنة +7 موجبة، وكل ذرة أوكسيجين من الذرات الأربع، هي عبارة عن أوكسيد ذو شحنة -2 مرتبطة مع بعضها بروابط أيونية. هذه النظرة هي فاشلة تماماً، طالما أن الترابط بين الذرات هو مشترك، مع تداخل للمدارات. لكن كون ذرة المنغنيز المركزية لها توزع الكتروني d0، وكل رابطة من الروابط هي dative، مع الالكترونين المشكلين للرابطة القادمان من الأوكسيجين. في الواقع، من الأفضل القول بشكل أدق أن الشحنة على كل ذرة أوكسيجين هي –(2-δ) أي توجد شحنة جزئية على الأوكسيجين، ومن ثم الشحنة على ذرة المنغنيز هي +4δ. هكذا تكون البنية الالكترونية في الحالة الأساسية، كما تم مناقشتها في شكل نظرية رابطة التكافؤ.
سوف تتم مناقشة الحالة ضمن نظرية المدارات الجزيئية، والتي تعطي صورة أوضح.
سوف يتم تبسيط الصورة قليلاً، وكأنّه يوجد رابطة Mn-O واحدة. وكما هي العادة فإنّ امتصاص الضوء يثير الكتروناً من الحالة الأساسية للحالة المثارة الأولى. المدار الجزيئي للحالة الأساسية هو لذرة المنغنيز المركزية ذو التوزيع الالكتروني d0، لكن المدار الجزيئي للحالة المثارة الأولى له توزيع مختلف للشحنة الالكترونية. لهذا المدار الجزيئي، ذو الطاقة العالية، الكترون في ذرة المنغنيز، وقلة من الالكترونات على الأوكسيجين. يمكن تمثيل الصورة بالمعادلة:
[Mn+δ–O−(2−δ)] + hν → [Mn+1–O−1]
تعود الجملة للاسترخاء إلى الشكل الأولي (وذلك بعكس المعادلة السابقة).
في عملية الاثارة الضوئية العادية، لا يتحرك الالكترون مكانياً، لكنه يبقى في نفس الموضع الفيزيائي، حيث يحدث فقط تغير طاقي. من أجل حالة أيون البرمنغنات يكمن الاختلاف: حيث لا تتغير طاقة الالكترون عند الاثارة الضوئية فقط، ولكن أيضاً يتغير موضعه الفيزيائي، من الأوكسيجين في الحالة الأساسية إلى ذرة المنغنيز المركزية في الحالة المثارة الأولى. غالباً يمكننا القول بأنّ الشحنة قد انتقلت، أو حدثت عملية انتقال للشحنة. على الرغم من أن أيون البرمنغنات له توزع الكتروني d0، ماتزال الالكترونات باستطاعتها أن تثار ضوئياً، ومن هنا يمكن القول إنّ الأيون يتصرف كحامل لوني Chromophore.
سبب لون أيون البرمنغنات ذو الشدة العالية يعود إلى الطريق غير الاعتيادي الذي يسلكه الالكترون عند تغيير موضعه.
لا يوجد قيود (على مستوى ميكانيك الكم) لاثارة الكترون ضوئياً، لذا فاحتمالية الاثارة عالٍ. بتعبير آخر: مقدار خضوع أيون البرمنغنات للاثارة الضوئية مرتفع. بشكل معاكس، الشحنة المثارة ضوئياً لا تتحرك مكانياً، لذا فهناك موانع متعلقة بميكانيك الكم، والاحتمالية منخفضة.
في الواقع، عملية انتقال الشحنة هي مسموحة كلياً، لكن الانتقالات التقليدية هي مسموحة مكانياً فقط. إنّ الاحتمالية لبعض عمليات الاثارة الضوئية منخفضة جداً ونقول عنها عادة بأنها ممنوعة.
تحدث عملية انتقال الشحنة أيضاً في المحلول. الاختبار التقليدي هو لأيونات الحديد الثلاثي Fe+3 مع أيون الثيوسيانات SCN– اللذان يتفاعلان معاً لتشكيل معقد [Fe(SCN)]+2، له لون أحمر دموي غامق. ينشأ هذا اللون من انتقال شحنة بين الحديد والثيوسيانات. لم يكن هناك لون أحمر قبل المزج، مما يؤكد على أن عملية الانتقال المسؤولة عن اللون، والتي لم تنشأ من كلاً منهما، لكن من المركب الجديد المتشكل.
المصدر:
Monk, Paul M. S. Physical Chemistry Understanding our Chemical World. Chichester: John Wiley & Sons, 2004. Print