التحديات العلميّة و السياسيّة في وجه الوقود الحيويّ
أرسل من قبل: سليم حنا
عضو في الفريق الدولي للأولمبياد العلمي السوري في مادة الكيمياء
[fusion_builder_container hundred_percent=”yes” overflow=”visible”][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
من أكبر التحديات التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين هو إنتاج مصادر وافرةٍ من الطاقة من كل من الوقود والطعام معاً، فقد تضاعف عدد سكان العالم منذ عام 1960 حتى عام 2000 من حوالي 3 مليارات إلى أكثر من 6 مليارات شخص.
ويستمر التعداد السكاني بالنمو حوالي 75 مليون شخص في العقد الواحد، فقد أصبح عدد سكان العالم في نهاية عام 2009 حوالي 6.8 مليار شخص، وأمام كثافة سكانية عالمية متزايدة يزداد الطلب على مؤن الغذاء العالمي وخصوصاً في آسيا وإفريقيا اللتين تشكلان معاً أكثر من 75% من عدد سكان العالم.
كما تزيد الكثافة السكانية المتزايدة الطلب على المنتجات النفطية للمواصلات والصناعة والكهرباء والتسخين والتبريد، علاوة على ذلك؛ فالكثير من الأمم الأعلى كثافة سكانية كالصين والهند تشهد تزايداً دراماتيكياً في مستوى المعيشة فيما بين مواطنيها، وفي حين تتحضّر (تتقدّم) هذه الدول يزداد بشكل ملحوظ استهلاك الفرد الواحد للطاقة من أجل السيارات والصناعات الحديثة والإسكان الحديث والتطورات التقنية، ففي الصين مثلاً تضاعف استهلاك الفرد الواحد للطاقة بين عامي 1990 و 2010 (بالرغم من أنه يبقى أقل من 20% من استهلاك الفرد الواحد للطاقة في الولايات المتحدة).
لقد بلغ الاستهلاك العالمي لطاقة الوقود في عام 2009 أكثر من5×1017 KJ، وهذا الرقم الهائل متوقع أن ينمو لأكثر من 7×1017 KJ في غضون عام 2030، كما أنّ أكثر من 80% من احتياجات الطاقة الحالية تأتي من احتراق الوقود الأحفوري غير المتجدد؛ وخاصةً البترول, فنضوب هذه الموارد بشكلٍ عامٍ رفع كلفة الوقود المعتمد على البترول, بالإضافة إلى أنّ التنقيب عن مصادر جديدة للبترول غالباً ما يتضمّن مناطق حسّاسة بيئيّاً؛ مثل الملجأ الوطني القطبي الشمالي للحياة البرية, ولذلك فزيادة المؤن من البترول يصبح معضلة اقتصادية وسياسية.
يحتلّ الاعتماد العالمي على البترول مكانةً كبيرةً لأنه يؤمن الوقود السائل مثل الغازولين الضروري لتلبية حاجات المواصلات، وكواحدٍ من أكثر الطاقات البديلة – ولكنه موضع جدل- للوقود المعتمد على البترول يبرز الوقود الحيوي (الوقود السائل المستمد من مادة عضوية)، ومن أكثر الأساليب شيوعاً لإنتاج الوقود الحيوي هو تحويل السكريات والكربوهيدرات الأخرى في النبات إلى سوائل قابلة للاشتعال، فالطاقة المخزنة في الكربوهيدرات المنتجة من التركيب الضوئي أعلى من الطاقة في الماء وثنائي أوكسيد الكربون؛ لذلك فالتركيب الضوئي هو وسيلة لـ”تخزين” الطاقة الشمسية في النباتات.
أكثر وقود حيوي ينتج عادةً هو الإيثانول الحيوي (bioethanol) وهو إيثانول مصنوع من تخمّر كربوهيدرات النبات، وقيمة وقود الإيثانول (من حيث الطاقة الناتجة عن الاحتراق) حوالي ثلثي قيمة وقود الغازولين ولذلك فهو مشابه لقيمة وقود الفحم، وتهيمن الولايات المتحدة والبرازيل على إنتاج الإيثانول الحيوي؛ حيث تؤمّنان معاً 85% من إنتاج العالم، ففي الولايات المتحدة حالياً كل الإيثانول الحيوي المنتج تقريباً مصنوع من الذُرة الصفراء؛ حيث يتحول الغلوكوز في الذُرة إلى إيثانول و ثنائي أوكسيد الكربون:
C6H12O6(s) → 2C2H5OH(l) + 2CO2 (g) ∆H = 15.8 KJ
نلاحظ أن هذا التفاعل لاهوائي (anaerobic) – لا يضم غاز الأوكسجين- وأن تغير الإنتالبية موجب وأصغر بكثير في القيمة من أغلبية تفاعلات الاحتراق، كما يمكن تحويل كربوهيدرات أخرى إلى إيثانول بأسلوب مشابه.
إنّ إنتاج الإيثانول الحيوي من الذُرة موضع جدل لسببين رئيسيين؛ الأول هو أنّ إنماء ونقل الذُرة كلاهما عمليتان مستهلكتان للطاقة بشكل كبير وتنميته تحتاج استخدام الأسمدة، ويقدّر أن الطاقة المرتجعة من إيثانول الذُرة الحيوي هي فقط 34% حيث لكل 1J من الطاقة المصروفة لإنتاج الذُرة؛ 1.34 J من الطاقة المنتجة من تشكل الإيثانول الحيوي، والسبب الثاني هو أن استخدام الذُرة كمادة ابتدائية لصنع الإيثانول الحيوي يتنافس مع استخدامها كمكوّن أساسي لسلسلة الطعام (الصراع الملقب بـ”الطعام ضد الوقود”)، فقد قاد تحويل محاصيل الذُرة إلى الإيثانول الحيوي إلى ارتفاع أسعار الطعام بما فيها اللحم البقري؛ فالذُرة تستخدم كعلف للماشية.
[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]الكثير من الأبحاث الحالية تركّز على تشكيل الإيثانول الحيوي من النباتات السيللوزية (النباتات التي تحوي الكربوهيدريد المعقد وهو السيللوز)؛ فالسيللوز لا يهضم ولذلك لا يتنافس مع مؤن الطعام، غير أنّ كيمياء تحويل السيللوز إلى إيثانول أكثر تعقيداً بكثير من تحويل الذُرة إلى إيثانول، ولكن إيثانول السيللوز الحيوي يمكن أن ينتج من نباتات غير غذائية شديدة التنوع؛ مثلأعشاب المراعي والأعشاب المتطفلة التي تجدد نفسها بسرعة بدون استخدام الأسمدة.
صناعة الإيثانول الحيوي البرازيلية تستخدم قصب السكر كمادة أساسية لأن قصب السكر ينمو أسرع بكثير من الذُرة وبدون الحاجة إلى الأسمدة أو العناية، فبسبب هذه الفروقات الطاقة المرتجعة من قصب السكر أعلى بكثير من تلك المرتجعة من الذُرة؛ حيث يقدّر أنه لكل 1J من الطاقة المصروفة في تنمية ومعالجة قصب السكر؛ تنتج 8J من الطاقة كإيثانول حيوي.
ولأن المناخ في البرازيل مثالي لتنمية قصب السكر؛ فقد بدأت الحكومة البرازيلية الاستثمار في سبعينيات القرن الماضي في وسائل لاستخدام قصب السكر كمصدر هائل للوقود.
هناك أيضاً أنواع وقود حيوي أخرى أصبحت أيضاً جزءاً كبيراً من الاقتصاد العالمي بما فيها الديزل الحيوي؛ وهو بديل لوقود الديزل المستمد من البترول، حيث ينتج الديزل الحيوي بشكلٍ نموذجي من المحاصيل التي تملك محتوىً غنياً بالزيت مثل فول الصويا والكانولا (وهو صنف من بذور اللفت أو الخردل أو الكرنب، وعادةً ما يكون مستخرج من بذور اللفت المعدلة وراثياً (GM الكانولا))؛ كما يمكن أن تنتج أيضاً من دهون الحيوانات والزيوت النباتية الفاسدة الناتجة عن صناعة الطعام و المطاعم.
تحترق أنواع الوقود الحيوي بحضور (O2(g لتعطي (CO2(g و (H2O(g وطاقة في شكل حرارة مساوية لما تعطيه أنواع الوقود الهيدروكربوني من تلك الأشياء، ولكن لأن CO2(g) هو منتج لتفاعل الاحتراق؛ فإن استخدام أنواع الوقود الحيوي هو جزء من الجدال العالمي حول ثنائي أوكسيد الكربون وتغير المناخ.
المصدر:
Brown, Theodore L.. “5.” Chemistry: the central science. 12th ed. Boston: Prentice Hall, 2012. 192. Print
[/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]