اكتشاف صنف جديد من أصناف الأواصر الهيدروجينية
لا زالت الآصرة الهيدروجينية تبهر العلماء يومًا بعد آخر، فبعد اكتشاف الآصرة الهيدروجينية التي تتكون مع الفوسفور، ها نحن اليوم أمام اكتشاف آخر، حيث رصد باحثون أمريكيون صنفًا جديدًا كلّيًا من الآواصر الهيدروجينية والتي تتشكل بين مجموعة البورون – هيدروجين ونظام إلكترونات پاي π في حلقة البنزين، ويمكن ملاحظة هذه الآصرة غير التقليدية في الطور الغازي وتربط بين ثنائي البوران وحلقة البنزين بقوة مقاربة لقوة الآصرة الهيدروجينية التي تربط جزيئات الماء بعضها ببعض.
وقد عمل Dieter Cremer و Wenli Zou وهما عضوان في مجموعة الكيمياء الحاسوبية والنظرية في جامعة Southern Methodist في ولاية دالاس الأمريكية مع كيميائيين مختصّين في الكيمياء التناسقية من جامعة Nanjing في الصين، للبحث في نظرية القائلة بإمكانية تكون آصرة هيدروجينية بين مجموعة B-H والمركبات العضوية ولإثبات وجود هذه الآصرة مختبريًأ.
تعد الأواصر غير التساهمية التي تربط بين الحلقات الأروماتية وذرة الهيدروجين المرتبطة بذرة كاربون أو نايتروجين أو أوكسجين من الأواصر المهمّة في علم الأحياء الجزيئية، فالآصرة الهيدروجينية هي الوسيلة لعدد غير محدود من التفاعلات بين البروتينات والأحماض النووية والبيئة التي تحيط بالجزيئات والتي تعتمد عليها حياة الكائنات.
وقد درس الكيميائيون سواء في المجال النظري أو العملي بشكل دقيق هذا النوع من الأواصر وقاموا بنمذجة أواصر مشابهة مثل معقدات البنزين والهالوألكان، البنزين والأمونيا، والبنزين والماء. وقد لمح الباحثون إلى إمكانية تفاعل مجموعة B-H مع مانح للبروتونات في الجزيئة المستهدفة من قبل نظام Carborane وذلك ضمن منهج جديد في تصميم الأدوية. إلا أن هذا النوع من التفاعل بين مجموعة B-H والحلقة الأروماتية لم يُلاحظ من قبل.
ويشير فريق الباحثين إلى أنّه بالنظر إلى الاتجاه الاعتيادي لمثل هذه الأنظمة فإن من المتوقع أن يحول البورون الذي يمتاز بالموجبية الكهربائية أي تفاعل قد يحدث بين مركب B-H والحلقة الأروماتية إلى تنافر بدلًا من حدوث التجاذب، ويعتقد فريق العلماء أن مجموعة B-H والتي من المفترض أن تتنافر مع حلقة البنزين، ستستقر في حالة ثنائي البوران وذلك لأنّ ذرة الهيدروجين المتآصر قد تمتلك شحنة موجبة.
وتقترح حسابات الفريق الكيميائية الكمّية أن هذه الآصرة هي الوحيدة التي يمكن أن تكون موجودة في مثل هذا النظام، وأن التفاعل الحاصل هو من النوع الإلكتروستاتيكي. وقد تمكن افريق من إنتاج هذا الصنف الجديد من الأواصر الهيدروجينية بين ثنائي البورنان ومجموعات الأريل في مشتق الفوسفين لمعقد Iridium-dimercapto-carborane، وقد بينت دراسات انكسار الأشعة السينية أن المسافة الفاصل بين ذرة الهيدروجين والحلقة الأروماتية تترواح بين 2.40 و 2.76 أنكستروم.
لا زال العلماء مسحورين بالأواصر الهيدروجينية حتى بعد مرور ما يقارب 100 عام على اقتراح Latimer و Rodebush وجود هذه الآصرة للمرة الأولى في التاريخ، ويعبر Scott Cockroft من جامعة إدنبرة عن هذا الاكتشاف بأنّه “يضيف مثالًا آخر إلى مجموعة الأواصر الهيدروجينية غير الكلاسيكية والتي تتضمن مستقبلات وواهبات غير تقليدية للآصرة الهيدرجينية”.
يمكن الاطلاع على تفاصيل الاكتشاف من خلال الورقة البحثية المنشورة مجلة الجمعية الأمريكية الكيميائية JACS.