الكيمياء الحيويةمقالات علمية

المقص الجيني: أداة لإعادة كتابة كود الحياة

حصلت كل من Emmanuelle Charpentier إيمانويل شاربنتير[1] و Jennifer A. Doudna جينيفر دودنا[2] على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020 لاكتشافهما أحد أكثر أدوات تكنولوجيا الجينات دقة: المقص الجيني CRISPR / Cas9. حيث مكنت الباحثين من العمل على تغيير الحمض النووي للحيوانات والنباتات والكائنات الدقيقة بدقة عالية للغاية. أحدثت هذه التكنولوجيا ثورة في علوم الحياة الجزيئية، وأتاحت فرصًا جديدة لتربية النباتات، وتساهم في علاجات السرطان المبتكرة، وقد تحقق حلم علاج الأمراض الوراثية.

إن أحد عوامل الجذب في العلم هي عدم إمكانية التنبؤ بمخرجاته دوماً، حيث لا يمكن أبدًا المعرفة المسبقة إلى أين قد تقود فكرة أو سؤال. أحيانًا يواجه العقل الفضولي طريقًا مسدودًا، وأحيانًا يواجه متاهة شائكة تستغرق سنوات للتنقل فيها. لكنهما، مرارًا وتكرارًا، تدركان أنهما أول عالمتان ينظران إلى أفق من الاحتمالات التي لا توصف.

يعتبر محرر الجينات المسمى CRISPR-Cas9 من أحد الاكتشافات غير المتوقعة مع إمكانات مذهلة. عندما بدأت إيمانويل وجينيفر بفحص الجهاز المناعي لبكتيريا المكورة العقدية المقيحة Streptococcus bacterium، كانت إحدى الأفكار أنهما ربما يمكنهما تطوير شكل جديد من المضادات الحيوية. اكتشفتا بدلاً من ذلك أداة جزيئية يمكن استخدامها لعمل شقوق دقيقة في المادة الجينية، مما يجعل من الممكن بسهولة تغيير رمز الحياة.

يمكنك الاطلاع أيضًا على: اجابة لـencapsulation of microoranisms in sol-gel

أداة قوية تؤثر على الجميع

أعادت هذه المقصات الجينية تشكيل علوم الحياة بعد ثماني سنوات فقط من اكتشافهم. يمكن لعلماء الكيمياء الحيوية وعلماء الأحياء الخلوية الآن التحقيق بسهولة في وظائف الجينات المختلفة ودورها المحتمل في تطور المرض. يمكن للباحثين في تربية النبات، إعطاء النباتات خصائص محددة، مثل القدرة على تحمل الجفاف في المناخ الأكثر دفئًا. يساهم محرر الجينات هذا في الطب، في علاجات السرطان الجديدة والدراسات الأولى التي تحاول علاج الأمراض الوراثية.

هناك أمثلة لا حصر لها تقريبًا حول كيفية استخدام CRISPR-Cas9، والتي تتضمن أيضًا تطبيقات غير أخلاقية. لذلك يجب تنظيم استخدام هذه التطبيقات كما هو الحال مع جميع التقنيات القوية. لم يكن لدى إيمانويل شاربينتييه ولا جينيفر دودنا أي فكرة أن لقاءهما الأول في عام 2011، في مقهى في بورتوريكو، كان لقاءًا يغير الحياة.

اهتمام شاربنتير بالبكتيريا المسببة للأمراض

وصفها بعض الناس بأنها مدفوعة ويقظة وشاملة. يقول آخرون أن إيمانويل شاربنتييه تبحث دائمًا عن ما هو غير متوقع. وتقتبس بنفسها عن لويس باستور “الفرصة تفضل العقل الجاهز”. فحكمت الرغبة في القيام باكتشافات جديدة وفي أن تكون حرة ومستقلة مسيرتها. بما في ذلك دراستها للدكتوراه في معهد باستير في باريس، حيث عاشت في خمس دول وسبع مدن وعملت في عشر مؤسسات مختلفة.

تغير محيطها ونهجها، لكن غالبية أبحاثها كان لها قاسم مشترك واحد: البكتيريا المسببة للأمراض. لماذا هم بهذه العدوانية؟ كيف يطورون مقاومتهم للمضادات الحيوية؟ وهل من الممكن إيجاد علاجات جديدة يمكن أن توقف تقدمها؟

عندما بدأت إيمانويل شاربنتير مجموعتها البحثية الخاصة في جامعة فيينا في عام 2002، ركزت على واحدة من البكتيريا التي تسبب أكبر ضرر للبشرية: Streptococcus pyogenes. حيث تصيب كل عام ملايين الأشخاص، وغالبًا ما تتسبب بالتهابات يمكن علاجها بسهولة مثل التهاب اللوزتين والقوباء. ومع ذلك، يمكن أن تتسبب أيضًا في تعفن الدم الذي يهدد الحياة وتحطيم الأنسجة الرخوة في الجسم، مما يمنح هذه البكتيريا سمعة بأنه “آكل لحوم البشر”. بدأت شاربنتير لفهم S. pyogenes بشكل أفضل، بالتحقيق الشامل في كيفية تنظيم جينات هذه البكتيريا. كان هذا القرار هو الخطوة الأولى على طريق اكتشاف المقص الجيني.

ولكن قبل أن نسير على طول هذا الطريق، سنكتشف المزيد عن جينيفر دودنا. لأنه بينما تُجري شاربنتير دراسات مفصلة عن S. pyogenes، تسمع دودنا – لأول مرة – اختصار CRISPER.

العلم: مغامرة بقدر ما هي قصة بوليسية

كانت لدى جينيفر دودنا رغبة قوية في معرفة الأشياء منذ كانت طفلة ترعرع في هاواي. وضع والدها ذات يوم كتاب جيمس واتسون The Double Helix على سريرها. كانت هذه القصة على غرار المباحث حول كيفية حل جيمس واتسون وفرانسيس كريك لبنية جزيء الحمض النووي لا تشبه أي شيء قرأته في كتبها المدرسية. لقد أسرت العملية العلمية وأدركت أن العلم أكثر من مجرد حقائق.

ومع ذلك، عندما بدأت في حل الألغاز العلمية، لم يكن اهتمامها على الحمض النووي DNA، ولكن على أشقائه الجزيئي: RNA. كانت تقود في عام 2006 عندما قابلناها مجموعة بحثية في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، ولديها خبرة عقدين في العمل مع RNA. كما تتمتع بسمعة طيبة كباحثة ناجحة ذات قدرة عالية على المشاريع الرائدة، وقد دخلت مؤخرًا مجالًا جديدًا مثيرًا: تداخل الحمض النووي الريبي RNA interference[3].

اعتقد الباحثون، لسنوات عديدة، أنهم فهموا الوظيفة الأساسية للحمض النووي الريبي RNA، لكنهم اكتشفوا فجأة الكثير من جزيئات الرنا الصغيرة التي تساعد في تنظيم نشاط الجينات في الخلايا. كانت أبحاث جينيفر دودنا في تداخلات الحمض النووي الريبي السبب في تلقيها، في عام 2006، مكالمة هاتفية من زميل في قسم مختلف.

تحمل البكتيريا جهاز مناعة قديم

يخبر زميل دودنا، وهو عالم ميكروبيولوجي، عن اكتشاف جديد: عندما يقارن الباحثون المادة الجينية لبكتيريا مختلفة اختلافًا كبيرًا، وكذلك العتائق archaea (نوع من الكائنات الحية الدقيقة)، وجدوا تسلسلات الحمض النووي المتكررة التي تم حفظها جيدًا بشكل مدهش. يظهر نفس الرمز مرارًا وتكرارًا، ولكن بين التكرارات هناك تسلسلات فريدة تختلف (الصورة 2). يشبه الأمر تكرار الكلمة نفسها بين كل جملة فريدة في الكتاب.

تسمى هذه المصفوفات من المتواليات المتكررة: التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة منتظمة التباعد، والتي يتم اختصارها إلى كريسبرCRISPR[4]. الشيء المثير للاهتمام هو أن التسلسلات الفريدة غير المتكررة في كريسبر تبدو متطابقة مع الشفرة الجينية لفيروسات مختلفة، لذا فإن التفكير الحالي هو أن هذا جزء من نظام المناعة القديم الذي يحمي البكتيريا والعتائق من الفيروسات. تتناول هذه الفرضية أنه إذا نجحت البكتيريا في النجاة من عدوى فيروسية، فإنها تضيف جزءًا من الشفرة الجينية للفيروس إلى جينومها كذكرى للعدوى. لا أحد يعرف حتى الآن كيف يعمل كل هذا، كما تقول زميلتها، لكن الشك هو أن الآلية التي تستخدمها البكتيريا لتحييد الفيروس تشبه تلك التي درستها دودنا: تداخل الحمض النووي الريبي.

يمكنك الاطلاع أيضًا على: التطور في عالم الكيمياء – تفاصيل نوبل 2018

رسم دودنا لآلة معقّدة:

كان هذا الخبر رائعاً ومثيراً. فإذا كان صحيحًا أن البكتيريا لديها جهاز مناعة قديم، فهذه قضية كبيرة ومثار لفضول دودنا. وهكذا تبدأ في تعلم كل ما يمكنها حول نظام كريسبر.

اكتشف الباحثون، بالإضافة إلى تسلسل CRISPR، جينات خاصة أطلقوا عليها اسم CRISPR المرتبط، والمختصرة باسم cas. وما كانت دودنا تجده مثيرًا للاهتمام هو أن هذه الجينات تشبه إلى حد بعيد الجينات التي ترمز لبروتينات معروفة بالفعل والتي تتخصص في فك وتقطيع الحمض النووي. فهل بروتينات Cas لها نفس الوظيفة؟ هل تعمل على تقطيع الحمض النووي للفيروس؟

وضعت مجموعتها البحثية في العمل، وبعد بضع سنوات، نجحوا في الكشف عن وظيفة العديد من بروتينات Cas المختلفة. وفي موازاة ذلك، تظهر دراسات مجموعات بحثية في جامعات أخرى عن نظام CRISPR / Cas المكتشف حديثًا أن أجهزة المناعة للبكتيريا يمكن أن تتخذ أشكالًا مختلفة جدًا. ينتمي نظام CRISPR / Cas الذي درسته مجموعة دودنا إلى الفئة 1؛ إنها آلية معقدة تتطلب العديد من بروتينات Cas المختلفة لنزع سلاح الفيروس. تعتبر أنظمة الفئة 2 أبسط بشكل ملحوظ لأنها تحتاج إلى عدد أقل من البروتينات. حيث صادفت إيمانويل شاربنتير، في جزء آخر من العالم، مثل هذا النظام…

قطعة جديدة وغير معروفة من أحجية نظام كريسبر

انتقلت شاربنتير في عام 2009 إلى منصب يتمتع بفرص بحثية جيدة في جامعة Umeå في شمال السويد. حذروها من الانتقال إلى هذا الجزء النائي من العالم، لكن الشتاء الطويل المظلم أتاح لها الكثير من الهدوء والسكينة في العمل. وهو ما كانت بحاجة إليه.

كانت مهتمة أيضًا بجزيئات الحمض النووي الريبي الصغيرة المنظمة للجينات، وقامت، وبالتعاون مع باحثين في برلين، برسم خرائط الحمض النووي الريبي الصغير الموجود في S. pyogenes. أعطتها النتائج الكثير لتفكر فيه، لأن أحد جزيئات الحمض النووي الريبي الصغيرة الموجودة بكميات كبيرة في هذه البكتيريا هو متغير غير معروف حتى الآن، والرمز الجيني لهذا الحمض النووي الريبي قريب جدًا من تسلسل كريسبر الغريب في جينوم البكتيريا. جعلت أوجه التشابه بين الاثنين شاربنتر تشك في ارتباطهما. ثم كشف التحليل الدقيق لرموزهم الجينية أيضًا أن جزءًا واحدًا من جزيء الحمض النووي الريبي الصغير وغير المعروف يطابق الجزء المتكرر من كريسبر. إنه مثل العثور على قطعتين من اللغز تتناسبان معًا تمامًا (الشكل 2).

وأيضًا: 

لم تعمل شاربنتير من قبل بالبحث في كريسبر، لكن مجموعتها البحثية بدأت بعض الأعمال البحثية الدقيقة الميكروبيولوجية لتتبع نظام كريسبر في S. pyogenes. الذي كان معروفًا بالفعل أنه يحتاج فقط إلى بروتين Cas واحد (Cas9) لشق الحمض النووي للفيروس فهو ينتمي إلى الفئة 2. كما أوضح البحث أن جزيء الحمض النووي الريبي غير المعروف، والذي يُطلق عليه اسم trans-activating crispr RNA (tracrRNA)، له أيضًا وظيفة حاسمة لكي ينتقل الحمض النووي الريبي الطويل الذي تم إنشاؤه من تسلسل كريسبر في الجينوم إلى شكله النشط (الشكل 2).

نشرت إيمانويل شاربنتير اكتشاف tracrRNA في مارس 2011 بعد تجارب مكثفة وهادفة. وهي تعلم أنها في أعقاب شيء مثير للغاية. لديها سنوات عديدة من الخبرة في علم الأحياء الدقيقة وفي تحقيقها المستمر في نظام CRISPR-Cas9، تريد التعاون مع عالم الكيمياء الحيوية. فكانت جينيفر دودنا الاختيار الطبيعي. عندما دُعيت شاربنتير في ربيع ذلك العام إلى مؤتمر في بورتوريكو للحديث عن النتائج التي توصلت إليها، كان هدفها هو مقابلة هذه الباحثة الماهرة في بيركلي.

الشكل 2

الاجتماع المميّز في مقهى بورتوريكو (المقص الجيني)

اجتمعت الباحثتان بالصدفة في مقهى في اليوم الثاني من المؤتمر حيث عرفتهم أحد زملائهم ببعض. وفي اليوم التالي، اقترحت شاربنتير استكشاف الأجزاء القديمة من العاصمة معًا. بدأوا في الحديث عن أبحاثهما أثناء تجوالهم في الشوارع المرصوفة بالحصى. وتساءلت شاربنتير عما إذا كانت دودنا مهتمة بالتعاون والمشاركة في دراسة وظيفة Cas9 في نظام الفئة 2 البسيط الخاص بـ S. pyogenes؟

خططتا مع زملاؤهما للمشروع عبر اجتماعات رقمية. كان اشتباههم في أن CRISPR-RNA ضروري لتحديد الحمض النووي للفيروس، وأن Cas9 هو المقص الذي يقطع جزيء الحمض النووي. ومع ذلك لم يحدث شيء عند اختبارهم لذلك في المختبر. يبقى جزيء الحمض النووي سليمًا.

بعد قدر كبير من العصف الذهني (لماذا؟ هل هناك خطأ ما في الظروف التجريبية؟ أم أن Cas9 له وظيفة مختلفة تمامًا؟) والعديد من التجارب الفاشلة، أضاف الباحثون أخيرًا tracrRNA إلى اختباراتهم. حيث اعتقدوا في السابق أن tracrRNA كان ضروريًا فقط عندما تم شق CRISPR-RNA في شكله النشط (الشكل 2)، ولكن بمجرد أن يتمكن Cas9 من الوصول إلى tracrRNA، حدث ما كان ينتظره كل شخص بالفعل: تم تقسيم جزيء الحمض النووي إلى جزأين.

غالبًا ما فاجأت الحلول التطورية الباحثين، لكن هذا كان شيئًا غير عادي. السلاح الذي طورته العقديات كوسيلة للحماية من الفيروسات بسيط وفعّال، بل ورائع. كان من الممكن أن يتوقف تاريخ المقص الجيني هنا؛ كشف شاربنتير ودودنا عن آلية أساسية في بكتيريا تسبب معاناة كبيرة للإنسانية. كان هذا الاكتشاف مذهلاً في حد ذاته، لكن الصدفة تفضل العقول المهيأة…

تجربة تؤرّخ لحقبة علمية من خلال المقص الجيني

قرر الباحثون محاولة تبسيط المقص الجيني. باستخدام معرفتهم الجديدة حول tracr-RNA و CRISPR-RNA، اكتشفوا كيفية دمج الاثنين في جزيء واحد، والذي أطلقوا عليه اسم الرنا الدليل guide RNA. ثم حاولوا باستخدام هذا المتغير المبسّط للمقص الجيني اجراء التجربة المفصلية: ها بإمكانهم التحكم في هذه الأداة الجينية بحيث تقطع الحمض النووي في مكان يحدده الباحثون؟؟

عرف الباحثون بحلول هذا الوقت أنهم يقتربون من تحقيق اختراق كبير. يأخذون جين موجود في المجمد في مختبر دودنا ويختارون خمسة أماكن مختلفة حيث ينبغي شق الجين. ثم يغيرون جزء كريسبر من المقص بحيث يتطابق كوده مع الكود الذي سيتم إجراء القطع فيه (الشكل 3). كانت النتيجة غامرة حيث تم شق جزيئات الحمض النووي في الأماكن الصحيحة تمامًا.

المقص الجيني
الشكل 3

المقص الجيني يغير علوم الحياة

بعد فترة وجيزة من نشر الباحثتين اكتشافهما للمقص الجيني CRISPR / Cas9 في عام 2012، أثبتت عدة مجموعات بحثية أنه يمكن استخدام هذه الأداة لتعديل الجينوم في الخلايا من الفئران والبشر، مما يؤدي إلى تطور هائل. فقد كان تغيير في السابق الجينات في الخلية أو النبات أو الكائن الحي يستغرق وقتًا طويلاً وأحيانًا يكون مستحيلًا. أمّا باستخدام المقص الجيني، يمكن للباحثين – من حيث المبدأ – إجراء تقطيعات في أي جينوم يرغبون فيه. بعد ذلك، من السهل استخدام الأنظمة الطبيعية للخلية لإصلاح الحمض النووي حتى تعيد كتابة رمز الحياة (الشكل 3).

نظرًا لسهولة استخدام أداة الجينات هذه، فقد أصبحت الآن منتشرة على نطاق واسع في الأبحاث الأساسية. يتم استخدامها لتغيير الحمض النووي للخلايا وحيوانات المختبر بغرض فهم كيفية عمل الجينات المختلفة وتفاعلها، كما هو الحال في دراسة مسار المرض.

أصبح المقص الجيني أيضًا أداة قياسية في تربية النباتات. غالبًا ما تتطلب الأساليب التي استخدمها الباحثون سابقًا لتعديل جينومات النبات إضافة جينات لمقاومة المضادات الحيوية. عندما زرعت المحاصيل، كان هناك خطر انتشار هذه المقاومة للمضادات الحيوية إلى الكائنات الحية الدقيقة المحيطة. بفضل المقص الجيني، لم يعد الباحثون بحاجة إلى استخدام هذه الأساليب القديمة حيث يمكنهم الآن إجراء تغييرات دقيقة للغاية على الجينوم. من بين أمور أخرى، قاموا بتعديل الجينات التي تجعل الأرز يمتص المعادن الثقيلة من التربة، مما يؤدي إلى تحسين أصناف الأرز بامتصاص مستويات أقل من الكادميوم والزرنيخ. طور الباحثون أيضًا محاصيل تتحمل الجفاف بشكل أفضل في المناخ الأكثر دفئًا، والتي تقاوم الحشرات والآفات التي كان يتوجب التعامل معها باستخدام مبيدات الآفات.

الأمل في علاج الأمراض الوراثية بواسطة المقص الجيني

يساهم المقص الجيني في الطب في علاجات مناعية جديدة للسرطان وتجري التجارب لتحقيق الحلم: علاج الأمراض الوراثية. يقوم الباحثون بالفعل بإجراء تجارب إكلينيكية للتحقق مما إذا كان بإمكانهم استخدام تقنية CRISPR / Cas9 لعلاج أمراض الدم مثل فقر الدم المنجلي وتلاسيميا بيتا، بالإضافة إلى أمراض العيون الموروثة.

كما أنهم يطورون طرقًا لإصلاح الجينات في الأعضاء الكبيرة، مثل الدماغ والعضلات. حيث أظهرت التجارب على الحيوانات أن الفيروسات المصممة خصيصًا يمكنها توصيل المقص الجيني إلى الخلايا المرغوبة، وعلاج نماذج من الأمراض الوراثية المدمرة مثل ضمور العضلات، وضمور العضلات الشوكي، ومرض هنتنغتون. ومع ذلك، تحتاج هذه التقنية إلى مزيد من الصقل قبل اختبارها على البشر.

تتطلب قوة المقص الجيني التنظيم والقانون!

يمكن أيضًا إساءة استخدام المقص الجيني إلى جانب كل فوائدها!! على سبيل المثال، يمكن استخدام هذه الأداة لإنشاء أجنة معدلة وراثيًا. ومع ذلك، كانت هناك منذ سنوات عديدة قوانين ولوائح تتحكم في تطبيق الهندسة الوراثية، والتي تتضمن حظرًا على تعديل الجينوم البشري بطريقة تسمح بتوريث التغييرات. أيضًا، يجب دائمًا مراجعة التجارب التي تشمل البشر والحيوانات والموافقة عليها من قبل اللجان الأخلاقية قبل تنفيذها.

هناك شيء واحد مؤكد: هذا المقص الجيني يؤثر علينا جميعًا. سنواجه قضايا أخلاقية جديدة، لكن هذه الأداة الجديدة قد تساهم بشكل جيد في حل العديد من التحديات التي تواجه البشرية الآن. من خلال اكتشافهما، طورت إيمانويل شاربنتييه وجينيفر دودنا أداة كيميائية نقلت علوم الحياة إلى حقبة جديدة. لقد جعلونا نتطلع إلى أفق شاسع من الإمكانات غير المتخيلة، وعلى طول الطريق – بينما نستكشف هذه الأرض الجديدة – نضمن تحقيق اكتشافات جديدة وغير متوقعة.

المراجع

[1] Emmanuelle Charpentier: Max Planck Unit for the Science of Pathogens, Berlin, Germany

[2] Jennifer Doudna: University of California, Berkeley, USA

[3] هو عملية بيولوجية يتم من خلالها تثبيط التعبير الجيني في جزيئات الرنا، ويحدث عادة بسبب تخريب جزيئات محددة في ناقل الشفرة الوراثية (mRNA). تعدّ جزئيات الرنا منتجات مباشرة للجينات، وبذلك تتمكن جزيئات الرنا الصغيرة من الارتباط بجزيئات محددة من مرسال الرنا مما يؤثر عليها إما بزيادة أو تقليل نشاطها، ومثال على ذلك منع مرسال الرنا من إنتاج البروتين. إن عملية تداخل الرنا لها دور مهم في الدفاع عن الخلايا ضد سلاسل النوكليوتيد الطفيلي أي الفيروسات والنيقولات، كما أن لها دور في توجيه عملية النماء (التطور) كما هو دورها في التعبير الجيني بشكل عام.

[4] CRISPER: clustered regularly interspaced short palindromic repeats

لقراءة المزيد:

Genetic scissors: a tool for rewriting the code of life. The Nobel Prize in Chemistry 2020. The Nobel Prize. Retrieved October 10, 2020, from https://www.nobelprize.org/prizes/chemistry/2020/popular-information/

Scientific Background: A tool for genome editing. The Nobel Prize. Retrieved October 10, 2020, from https://www.nobelprize.org/prizes/chemistry/2020/advanced-information/

Publications. Emmanuelle Charpentier Lab. Retrieved October 10, 2020, from https://www.emmanuelle-charpentier-lab.org/publications/

Publications. Doudna Lab. Retrieved October 10, 2020, from https://doudnalab.org/publications/

شارك هذه المادة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى