الكيمياء البيئية والغذائية

فلتتوخى الحذر من الأمطار الحامضية

كلما تمطر فى بلدتك عليك أن تتوخى الحذر، فعلى سبيل المثال، بارانغويلا والتي تقع فى الساحل الشمالى لدولة كولومبيا يخشى، د/ إرنيستو كارليتتي Ernesto Carletti، والذي له أصول إيطالية، سقوط أمطار حامضية مرة أخرى. وكان لديه بنفسه القدرة أن يكتشف آثارها فى مختلف أنحاء الكوكب خلال سنوات عديدة من البحث العلمى وخوفه لم يكن هباءً بل إنّ له أسس أقيمت على أساسه. وذلك لأنّ في مقاطعة مونتكريستو Montecristo، المدينة الكبرى في أطلانطيكو Atlántico، العديد من الأشجار قد ذبُلت وماتت بسبب ظاهرة غريبة والذي بدوره خرب جمال urapanes في بوغوتا عاصمة كولومبيا من عقد مضى وأكثر من نصف الغابات فى ألمانيا وسويسرا وهكذا الوضع فى أجزاء مختلفة من العالم. إذاً هذه الظاهرة ليست فردية على الإطلاق بل إنّها ظاهرة عالمية. لكن ما هي الأمطار الحامضية؟ وما هي مسبباتها؟ وقبل كل هذا ما هي الأضرار التي من الممكن أن تقع على صحة الإنسان والكائنات الحية وحتى الأحجار وبدورها تؤثر حتى على منازلنا؟

  • تهديداتها للحياة:

فى البداية يجب أن تعلم أنك إذا أخذت حماماً من الأمطار الحامضية فإنك لن تشعر باختلاف عن المياه العادية حيث أنها لا تؤثر على الجلد. تكمن المشكلة فى الهواء وليست عند هذه النقطة على الإطلاق. لذا فإنّ الأشخاص الذين تعرضوا لأمراض فى الجهاز التنفسي مثل الربو الشعبي تتطور حالتهم لذا يجب أن تتوخى الحذر من الأمطار الحامضية.

من الواضح أنّ الأشجار هي الضحية الرئيسية للأمطار الحامضية، ولكن هذا يعني أنها أيضاً تؤثر علينا وذلك لأنّه في حالات عديدة هناك أطعمة طبيعية ضرورية؛ لماذا؟ ببساطة: الأمطار الحامضية تعمل على استبعاد الطبقة الحامية للنباتات. فتصبح فريسة سهلة للطفيليات والآفات والتي في النهاية تؤدي إلى موتها.

البحار أيضاً ليست محمية تماماً من أن تلحق بها الأضرار. فعلى النقيض تماماً، فالعناصر الكيميائية التي تحملها الأمطار الحامضية أدت إلى ضمر العديد من العوالق التي تتغذى عليها الملايين من الأسماك صغيرة الحجم، الحيتان، الدولفين أو أسماك التونة والتي بدورها تؤدي إلى إلحاق الضرر بالثروة السمكية وتضر الصيادين أنفسهم وسائر البشرية.

ولم نذكر آثار الأمطار الحامضية على التربة بعد. فعندما تسقط على التربة تجعلها أكثر حامضية عما كانت عليه فيما قبل مما يترتب عليه مواجهة المحاصيل المختلفة الكثير من المشاكل المفجعة. علاوة على ذلك ومع مرور الوقت تصبح الأراضي غير محمية وتتحول إلى أرض قاحلة كما لو كانت صحراء وفيها تختفي الحياة.

في واقع الأمر؛ طبقاً للبروفيسور كارليتي Carletti فإنّ الأمطار الحامضية تُبّدل وتتدخل في السلسلة البيولوجية للأراضي والبحار في الحياة النباتية والبشرية. وهذا باعتبارها مشكلة بيئية خطيرة متزامنة مع التغير المناخي والتي ترتبط معه بشكل أو بآخر ويبدو أنها تقود كوكبنا إلى دمار لا مفر منه. فحياتنا فى خطر!

  • ما هى الأمطار الحامضية؟

تبدأ مشكلتنا برمتها مع احتراق الوقود. سواء كان احتراق الجازولين فى محرك السيارة أو احتراق الفحم فى محطة توليد القوة المحركة فى عملية الاحتراق هذه نحن نستطيع أن نرى بشكل واضح الدخان الناتج لكن لن نستطيع أن نرى العناصر الكميائية التي تحتوى عليها مثل ثاني أوكسيد الكبريت وثاني أوكسيد النيتروجين واللذيين يسلكا طريقهما عالياً إلى السحاب.

وبشكل دقيق تتفاقم المشاكل خلال تواجد هذه العناصر في السحاب. فعندما يتحد كل منهم مع بخار المياه ينتج عنهم حمض الكبريتيك والنيتريك ويسقط كل منهم فيما بعد مع الأمطار وحينها تقع الأضرار المذكورة آنفاً، لماذا؟ لأنّ هذه الأحماض قوية جداً.

pH المؤشر العلمي العالمي لحامضية المياه وأي سائل آخر والذي يتراوح تدريجه بين 1-14 وفي المنتصف يكون 7 والذي يعبر عن حالة التعادل بين الحامضية والقاعدية. في الحالات العادية يكون الـ pH للأمطار العادية تتراوح بين 6-7 لكن الأمطار الحامضية تتراوح بين 2-3، مشابهةً تماماً لعصير الليمون الحامضي. “هذا مؤشر لحامضية بالغة الحد”.

  • اتحاد الخبيثان:

أوضح العلماء أنّ الغازات المذكورة سابقاً تختلف عن الغازات الناتجة عن الصوبة الزجاجية والتي تنتج غاز الميثان وثاني أوكسيد الكربون والتي تتسبب فى الاحتباس الحراري عن طريق إنشاء حاجز فى الهواء الجوي يعمل على حجب أشعة الشمس من الوصول إلى كوكب الأرض “لكنهم على اتصال وطيد”.

لقد أوضح العلماء أنّ تزايد احتراق أشعة الشمس تعمل على تعجيل التفاعلات الكيميائية المذكورة سابقاً في السحاب؛ وعليه فإنّ الأمطار الحامضية تصبح أكثر انتظاماً علاوة على ذلك مشكلة التغير المناخي والكوارث البيئية المترتبة عليه والتي ترتبط بشكل وثيق في سكون تام.

يتحدث الجميع عن الاحتباس الحراري ولكن مشكلة الأمطار الحامضية شيء يغلب عليه عدم الملاحظة فهو نادر الظهور في الإعلام وربما يرجع ذلك إلى التعقيدات العلمية وذلك لأنّ الدراسات المتعلقة بها لم تُبسط ولم تصل إلى العامة ويرجع السبب في ذلك إلى وجود تداخل لأصحاب النفوذ. “فلك أن تفكر في شركات البترول، قطاع الصناعات المتحركة ذاتياً مثل السيارات، محطات توليد الطاقة والصناعة بشكل عام” عبر بذلك البروفيسور كارليتتي.

  • ماذا علينا أن نفعل؟

طبقاً للبروفيسور كارليتتي فمثل هذه المواقف الحرجة تتطلب تضامن الحكومات بالسياسات والضوابط اللازمة والشركات التي لا تتبع تكنولوجيا نظيفة ومصادر طاقة بديلة مثل محركات السيارات التي تعمل بالكهرباء وغاز الهيدروجين.

علينا أن نغير من طريقة حياتنا؛ وذلك عن طريق استخدام أقل للطاقة التي تلحق تلوث بالبيئة المحيطة بينا. علينا أن نقلل من استخدام السيارات وبديلاً لها الترجل أو استخدام الدرجات. من الضروري أن نحسن من المواصلات العامة؛ وعليه لن تكون هناك حافلات تتحرك بمدخنة داخل مدينتنا. فحينها تبدأ الأمطار الحامضية بتحويل المباني القديمة إلى كومة من التراب كما رأينا فى بارانغوليا فى كولومبيا. لذا توخى الحذر من الأمطار الحمضية!

المصدر:

Watch Out for Acid Rain! OpenMind. Retrieved December 30, 2016, from https://www.bbvaopenmind.com/en/watch-out-for-acid-rain/

 

شارك هذه المادة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى