الكيمياء العامة واللاعضوية

ما الذي يجعل الرصاص ساماً؟

معظم الناس يدركون أن الرصاص عنصرٌ سامٌ، بالإضافة إلى كونه معدناً مفيداً جداً. لقد استعمل البشرُ الرصاصَ في حياتهم اليومية منذ زمن بعيد، فقد كان الرومان يصنعون من الرصاص أطباقاً للأكل وأنابيب للمياه. ولعل ظاهرة التسمم بالرصاص وارتشاح كميات كبيرة منه إلى المياه كانت سبباً في سقوط الإمبراطورية الرومانية.

لم ينتهي التعرض للرصاص بالتخلص من أهم مصادره وهي الطلاء والغازولين (بنزين السيارات)، فالرصاص موجود أيضاً في الطلاء العازل، الالكترونيات، الكريستال الذي يحوي الرصاص، بطاريات التخزين وفي سبيكة لحام المعادن، ويستعمل لتغطية الفتائل في بعض أنواع الشموع ولتحقيق الاستقرار لبعض أنواع البلاستيك.

لذلك، فالإنسان معرض يومياً للرصاص ولو بكميات ضئيلة. إذن، أصبحنا على علم بسمية الرصاص وأشكال تواجده من حولنا، ولكن ما هو السبب وراء سميته؟

يمكننا الإجابة باختصار بأنّ سميته تعود بشكل رئيسي إلى أنه يزيح المعادن الأخرى (مثل: الزنك، الكالسيوم والحديد …إلخ) من مركباتها خلال التفاعلات الحيوية التي تحدث في الجسم. تهاجم ذرات الرصاص البروتينات المسؤولة عن عمل الجينات وتحل محل ذرات المعادن الأخرى، مما يسبب تشويهاً في بنية البروتين وبالتالي إيقافه عن العمل، ومازال البحث جارٍ لتحديد الجزيئات التي ترتبط بالرصاص.

إليكم بعض الأمثلة عن البروتينات التي تتأثر بالرصاص:

  • البروتينات التي تنظم ضغط الدم (تؤدي إصابتها إلى حدوث تأخر في النمو عند الأطفال وارتفاع في ضغط الدم عند البالغين)
  • البروتينات التي تنتج الخضاب (تؤدي إصابتها إلى حدوث فقر الدم)
  • البروتينات التي تنتج الحيوانات المنوية (تؤدي إصابتها إلى حدوث عقم)

كما أنّ الرصاص يزيح الكالسيوم في التفاعلات التي تنقل النبضات الكهربائية في الدماغ، مما يقلل القدرة على التفكير واستدعاء المعلومات من الدماغ، أو يؤدي إلى الإصابة بالبلاهة.

إنّ مقولة باراسيليسوس Paracelsus بأنّ مقدار الجرعة هو الذي يحدد السمية لا تنطبق على الرصاص. حيث أنّ بعض المركبات غير سامة أو تكون حتى ضرورية بكميات ضئيلة، ولكنها تصبح سامة عندما تكون بكميات كبيرة نوعاً ما. فمثلاً، يحتاج الجسم البشري إلى الحديد لنقل الأوكسجين في خلايا الدم الحمراء، ولكن بالمقابل فإنّ الكميات المفرطة منه تصبح قاتلة. وكذلك الحال بالنسبة للأوكسجين الذي نتنفسه، فالكميات الزائدة منه تصبح مميتة.

أما الرصاص فهو لا يشبه أياً من العناصر السابقة، فهو ببساطة سام بغض النظر عن كمية الجرعة. إنّ مصدر القلق الرئيسي هو تعرض الأطفال الصغار للرصاص، فالأطفال أكثر تعرضاً له بحكم انخراطهم في نشاطات عديدة مثل: عدم غسل أيديهم ووضع أشياء في أفواههم.

في النهالية، لا يوجد حد أصغري للسلامة وذلك لأن الرصاص يتراكم في الجسم. ولكن هناك لوائح حكومية تنص على الحدود المقبولة لكمية الرصاص التي ممكن أن ترافق المنتجات أو التلوث بها، بحكم أن الرصاص ضروري. ولكن في الحقيقة، فإنّ الرصاص سام مهما كانت كميته ضئيلة.

المصدر:

Anne Marie Helmenstine. What Makes Lead Poisonous? (January 24, 2016). About – Education. Retrieved March 4, 2016, from http://chemistry.about.com/od/howthingsworkfaqs/f/leadpoisoning.htm

 

شارك هذه المادة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى