مورثة BRCA وعلاقة سرطان الثدي بالوراثة
كيف تعمل مورثات BRCA:
ساعدت ماري كلير كينغ Mary-Claire King، أستاذة العلوم الوراثية وعلم الوراثة الطبية في جامعة واشنطن، في كشف الأصل الوراثي لمورثات سرطان الثدي . لقد قاد عملها أولاً إلى اكتشاف الشكل الطافر للمورثة والمسمى BRCA1 وذلك في عام 1994، وفي وقت لاحق من نفس العام، اكتشفت المورثة BRCA2.
إنّ النساء والرجال أيضاً، كما اتضح، الذين يحملون الأشكال الطافرة من هذه المورثات هم الأكثر ترجيحاً لأن يتطور عندهم عدة أنواع من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي وسرطان المبيض وسرطان البروستات. كينغ نفسها كانت تشير إلى شخصية مشهورة أخرى وهي الدكتور بول بروكا Paul Broca، طبيب فرنسي مختص في علم التشريح وهو أول من اقترح في عام 1860 بأنّ سرطان الثدي قد يسري ويورث في العائلات. حيث كانت زوجة بروكا تعاني من سرطان الثدي المبكر، وعندما درس شجرة عائلتها الوراثية، استطاع أن يتتبع أثر هذا المرض عبر أربعة أجيال سابقة.
عندما أرادت كينغ تسمية المورثة أو الجين الذي اكتشفته، أرادت أن تسميته “بروكا ” لتكريم العالم الفرنسي، ولكن سمح لها بأربعة أحرف فقط. لذلك كان الاسم النهائي – BRCA – هو اختصار ل ” بروكا ” وقد يكون يمثل “BReast CAncer سرطان الثدي”، أو ربما Berkeley، Calif بيركلي، كاليفورنيا، حيث أنجزت كينغ أعمالها في مرحلة الدكتوراة.
إلى جانب التسمية، أو مورثة BRCA يمكن أن تمثل قصة نجاح الوراثة الحديثة، فهي تبرهن على أنّ المؤشرات الحيوية تستطيع التنبؤ وبثقة باستعداد الشخص لتطوير مرض أو حالة ما.
خلال عقد من الزمان أو نحو ذلك، يعد المفكرون وبدعم من مشروع الجينوم البشري الناجح، بعصر تكون فيه الجزيئات البيولوجية الموجودة في الجسم بمثابة مؤشرات عن ظواهر عديدة كالمرض، أو العدوى أو التعرض لعوامل بيئية. هذه المؤشرات سوف تقود إلى القضاء على السرطان وأمراض خبيثة أخرى.
ولكن … حدث شيء مضحك في الطريق إلى المدينة الفاضلة: فقد أثبتت المؤشرات الحيوية صعوبة في التعرف عليها. ولم يستطع الباحثون أن يطوروا فحوصاً أو مقاييس ذات حساسية كافية لتكون أدوات تشخيص تملك قيمة فعالة من حيث التكلفة.
لذلك رحبت الأوساط الطبية وبأذرع مفتوحة باكتشاف مورثات BRCA، وبتطوير اختبارات جينية يُعتمد عليها لتحديد هذه المورثات في الأفراد. كل ذلك أدى إلى التحدي التالي: جعل العوام يفهمون ماهيّة هذه المورثات.
أساسيات سرطان الثدي :
الثدي بنية مذهلة وفريدة من نوعها، ففي مملكة الحيوان يحدد وجود الأثداء مجموعة كاملة من الكائنات الحية. إنّ مصطلح “mammal أوالثدييات” يأتي من كلمة “mammary أو التثدي”، هذه الكلمة بدورها مشتقة من “ماما mamma”، وهي الكلمة اللاتينية المرادفة للثدي، الضرع أو الحلمة.
صنف علماء الأحياء الثديين كغدد خارجية الإفراز، وهي بنى تفرز منتجاتها في الوسط الخارجي من خلال قنوات. أي ليست كالغدد الصماء، التي تفرز منتجاتها إلى مجرى الدم مباشرة.
بطبيعة الحال المواد التي ينتجها الثديين هي الحليب. يصل الحليب إلى الوسط الخارجي عبر الحلمة، لكنه يبدأ مشواره في مكان أعمق في الثدي، في تجمعات من خلايا معروفة باسم حويصلات Alveoli. هذه المجموعات تشكلها الفصيصات Lobules، والتي تجتمع مع بعضها في بنى أكبر تعرف باسم الفصوص Lobes. الحويصلات تنتج الحليب، و يمر السائل عبر أنابيب دقيقة – الأقنية اللبنية Lactiferous Ducts – تؤدي إلى فتحات في الحلمة. يملأ النسيج الليفي والدهون الفراغات بين الفصيصات، هيكل الثدي بكامله يتوضع على العضلات الصدرية الموجودة في الصدر. يوجد شبكة من العقد والأوعية الليمفاوية تحيط بكل هذه الأنسجة، وتمتد إلى الأعلى باتجاه الإبط.
عند معظم النساء، تكون وظائف هذه الأنسجة سليمة ولا تسبب مشاكل أبداً، على الرغم من ذلك سوف ننظر فيما يلي إلى ما سيحدث في حال حدثت مشاكل.
الطفرات المكتسبة: طفرة سرطان الثدي إيجابي الإستروجين وطفرة HER2:
أحياناً، يمكن أن تبدأ الخلايا المشكلة لنسيج الثدي في النمو دون رادع، مزاحمة الخلايا الطبيعية المنتجة للحليب. فقد تقتحم هذه الخلايا المتمردة غير المكبوحة الأنسجة المحيطة بها دافعة ما حولها، وتشكل تجمعاً نسيجياً يعرف باسم كتلة أو ورم. إذا بقي الورم محتوى ولم يغز الفصيصات المحيطة أو أجزاء أخرى من الجسم، يصنف على أنّه ورم حميد. ولكن، إذا استمر بغزو أنسجة الثدي المحيطة وانتشر إلى العقد الليمفاوية، فيصنف على أنّه ورم خبيث أو سرطاني.
من المعروف عند العلماء الآن أنّ السرطان ينجم عن أضرار لحقت الحمض النووي، أي طفرة في المورثات التي تنظم نمو الخلايا وانقسامها. تنشأ العديد من الطفرات عندما يتعرض الشخص لظروف بيئية معينة، مثل الإشعاع. وخلايا الثدي ليست بمنأى عن هذه الطفرات المكتسبة (على عكس الموروثة). في الواقع، قد يحدث نوعين من سرطان الثدي عندما يصاب الحمض النووي بضرر نتيجة لعوامل بيئية مسرطنة أو فيروسات.
يتأثر النوع الأول لطفرات سرطان الثدي بكيفية تفاعل الهرمونات، مثل الإستروجين Estrogen، مع خلايا الثدي. فخلال الطمث أو الدورة الشهرية للمرأة، ترتفع مستويات هرمون الإستروجين في الثدي من أجل تهيئة الأنسجة لإنتاج الحليب. ترتبط جزيئات الإستروجين بالمستقبلات في خلايا الثدي فتحث الخلايا على الانقسام. إذا لم يحدث الحمل، فإنّ هذه الخلايا الإضافية المنتجة للحليب ستتلف وتموت. على الرغم من ذلك فإنّ عملية التكاثر والانقسام هذه قد تصبح غير مسيطر عليها أحياناً إذا تضرر الحمض النووي لخلايا محددة في الثدي.
عندما تتلقى هذه الخلايا المشبوهة إشارة من هرمون الإستروجين، تتضاعف كالمعتاد، لكنها تفشل في التوقف عن الانقسام ولا تموت في نهاية الدورة. النوع الثاني للسرطان تسببه طفرة مكتسبة أخرى تؤثر في التشفير المورثي لبروتين يعرف باسم مستقبل عامل النمو البشري عند الإنسان Human Epidermal growth factor Receptor 2، اختصاره HER2.
[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]يستجيب بروتين HER2 المتواجد على سطح خلايا الثدي لعوامل النمو الكيميائية التي توجه خلايا الثدي لتنقسم بشكل صحيح. يتلقى البروتين HER2 هذه العوامل، وينقل التعليمات إلى داخل الخلية. فإذا كان الحمض النووي المشفر لمورثة HER2 تالفاً، فقد تزداد سرعة نشاطه لتصل إلى مستويات خطيرة. فينتج الكثير جداً من البروتين HER2، ونتيجة لذلك، تسبب نمو خلايا الثدي دون رادع.
إنّ كلّاً من سرطان الثدي إيجابي الإستروجين وسرطان الثدي نوع HER2 لا يمكن أن ينتقلا وراثياً إلى أفراد الأسرة الآخرين لأنّ الطفرات تؤثر فقط على خلايا الثدي. وهذا ليس حال سرطان الثدي الموروث. في الشكل الموروث لهذا المرض، تحدث طفرة في الحيوانات المنوية أو البويضات لأحد الوالدين، وأثناء الإخصاب، تمر هذه الطفرة إلى نسل هذا الشخص. ثم تظهر هذه الطفرات في كل خلية من خلايا الجسم وتجعل الشخص عرضة للإصابة بالسرطان.
لقد اكتشف العلماء العديد من المورثات المرتبطة بسرطان الثدي الوراثي، مثل البروتينات التالية بأسمائها المختصرة p53 ،PTEN/MMAC1 ،CHEK2 ،ATM. ولكن مورثات BRCA هي الأكثر شهرة والأكثر دراسة.
العائلات التي تنتمي إليها مورثات BRCA:
بفضل العالمين واتسون، وكريك وآلاف آخرين غيرهم، نحن نعرف الكثير عن الأساس الكيميائي للوراثة. في حال كنت قد نسيت، تذكر بأنّ نواة خلية الإنسان تحتوي على الصبغيات Chromosomes وهي بنى خيطية تحمل كل المعلومات الوراثية لدينا. يوجد في خلايا البشر 23 زوجاً من الصبغيات (الكروموسومات)، والمجموع الكلي هو 46 صبغي. ويتكون كل صبغي من الحلزون المزدوج DNA الذي يحمل تسلسل خطي من المورثات، ملتف حول بروتينات معروفة باسم الهيستونات Histones. إنّ مورثة أو جيناً واحداً هو تسلسل متميز من النيوكليوتيدات، لبنات بناء DNA، الذي يشفر بروتين موافق له.
أثناء التزام العلماء بدراسة المورثات البشرية، لاحظوا أنّ بعض المورثات تشترك بخصائص معينة. فهي إما تحمل تسلسل متماثل من النيوكليوتيدات Nucleotides، أو أنها مورثات غير متماثلة لكنها تنتج بروتينات تشترك في نفس العملية الخلوية. جَمَعَ العلماء هذه المورثات في مجموعات أو عائلات ثم استخدموا نظاماً تصنيفياً للتنبؤ بوظيفة المورثات التي تم تحديدها حديثاً على أساس التشابه فيما بينها.
هناك نوعين من مورثة BRCA هما: BRCA1 و BRCA2 وكل منهما ينتمي إلى عائلة مختلفة. BRCA1 ينتمي إلى عائلة مورثات تسمى RNF، وهي تشفر بروتينات تعرف باسم بروتينات إصبع الزنك RING-type zinc finger proteins. سميت هذه البروتينات بذلك لأنّ جزيء البروتين يحتوي على مناطق تنطوي حول شاردة الزنك والشكل الناتج في هذه المنطقة تشبه الإصبع. إنّ الشكل الفريد لبروتين إصبع الزنك يُمكّنُه من الارتباط بسهولة مع الجزيئات الأخرى، وخاصة البروتينات والأحماض النووية، التي بمجرد أن تنضم إلى جزيء آخر، تنجذ النشاطات الأنزيمية التي تساعد الخلية في الحفاظ على بيئتها مستقرة. بعض هذه الأنشطة تشمل انقسام الخلايا ونموها، نقل التنبيه، وانحلال البروتينات، وكما سنرى في القسم التالي، قمع الورم.
بينما تنتمي مورثات BRCA2 إلى عائلة FANC. تنتج المورثات في هذه المجموعة معقدات بروتينية تشترك في عملية تعرف باسم مسار فقر دم فانكوني Fanconi anemia – FA. يعمل هذا المسار في المقام الأول على تحديد وإصلاح التلف في الحمض النووي. وعلى وجه الخصوص، فهو يستهدف أجزاء الحمض النووي التي تكون فيها الخيوط المتقابلة للحلزون المزدوج غير مرتبطة بشكل صحيح. عندما توجد مثل هذه المناطق أو الأجزاء، ترتبط بروتينات FANC مع الحمض النووي وتعيد بناء الروابط المقطوعة، مما يسمح بتضاعف الحمض النووي وإتمام وظيفته بشكل طبيعي.
من الواضح بأنّ عائلتي مورثات RNF و FANC تلعب دوراً هاماً في الحفاظ على صحتنا. فإنّ تداخل شيء ما مع وظيفة هذه المورثات، يمكن أن يؤدي إلى عدد من الأمراض. على سبيل المثال، تعطيل المورثات RNF قد يؤدي إلى الحثل العضلي Myotonic Dystrophy، الذي يتميز بهزال العضلات وضمورها تدريجياً. بينما يؤدي اختلال المورثات FANC إلى فقر دم فانكوني أو متلازمة فانكوني، الذي يسبب فشل نقي العظم، وتشوهات جسدية وخلل عضوي. وبطبيعة الحال، فإنّ كلّاً من العائلتين الجينيتين تلعبان دوراً في بعض أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي.
فيما يلي، سوف نبحث على وجه الخصوص في مورثاتBRCA1 و BRCA2 لفهم كيفية عملها بشكل طبيعي وكيف تؤدي الطفرات في هذه المورثات إلى سرطان الثدي.
موقع وأصل مورثة BRCA:
ربما أرادت ماري كلير كينغ أن تكرم بول بروكا بتسمية BRCA من بعده، ولكنّ علماء الوراثة الحديثين يسمون المورثات بأسمائها الرسمية : “مورثات البداية المبكرة لسرطان الثدي 1 breast cancer 1, early onset” و “مورثات البداية المبكرة لسرطان الثدي 2 “breast cancer 2, early onset” وقد تسمع أيضاً: “مورثات القابلية لسرطان الثدي 1 و 2” أو “مورثات سرطان الثدي الوراثية 1 و 2”.
مع هذه الأسماء المشابهة، قد تعتقد بأنّ المورثتين متوضعتين معاّ على نفس الصبغي. وهذا ليس حالهما. الموقع الدقيق لل BRCA1 هو 17q21؛ BRCA2 هو13q12.3. وهاك ما تعنيه هذه الأرقام:
- الرقم الأول يشير إلى رقم الصبغي، وهو يعني بأنّ BRCA1 يمكن العثور عليه على الصبغي 17، بينما BRCA2 على الصبغي 13.
- جميع الصبغيات يكون لها ذراع قصيرة، p، والذراع الطويلة، q، لذلك كل مورثات BRCA تتوضع على الأذرع الطويلة لكروموسومها الخاص.
- عندما وسم العلماء الصبغيات، ظهرت المورثات كعصابات فاتحة اللون وأخرى داكنة اللون، منظمة كمناطق. هناك عدد مؤلف من رقمين يدل الأول على المنطقة التي تتبع لها العصابة. والرقم العشري يعبر عن العصبة (و العصبة الفرعية). إذاً مورثة BRCA1، تقع في المنطقة 2، والعصبة 1. بينما تقع مورثة BRCA2 على المنطقة 1، العصبة 2، والعصبة الفرعية 3.
على الرغم من أنّ مورثتا BRCA1 و BRCA2 تنتميان إلى عائلات مورثية مختلفة، لكن كلاهما ينتجان البروتينات الكبيرة التي تشارك في قمع الورم عندما تعملان بشكل طبيعي. يتكون البروتين الذي يشفره مورثة BRCA1 من 1863 حمض أميني والبروتين الذي يشفره BRCA2 من 3418 حمض أميني (المصدر: van der Groep). البروتين BRCA1 يمارس تأثيره في قمع الورم من خلال التعاون مع عدد من البروتينات الأخرى لإصلاح الانقطاعات في الحمض النووي. هذه المعقدات البروتينية الموافقة لمورثة BRCA1 تؤثر على الأرجح في عمليات إصلاح الحمض النووي العديدة، بما في ذلك إعادة التركيب المتماثل للحمض (تبدل تسلسل من النيوكليوتيدات في الحمض النووي مع تسلسلات أخرى مماثلة)، والإصلاح بقطع بعض النوكليوتيدات (إزالة قطع تالفة في الحمض النووي ولصق قطع جديدة مكانها) والنهايات المنضمة غير المتجانسة (وصل الخيوط المزدوجة المنقطعة معاً مرة أخرى). يشارك البروتين BRCA2 أيضاً في السيطرة على أضرار الحمض النووي، ولكن يبدو أنّ عمله أكثر محدودية. يعتقد العلماء بأنّ البروتين BRCA2 ينظم نشاط عدد أقل من البروتينات المرافقة، بما في ذلك بروتين RAD51 وبروتين PALB2، لتوجيه إعادة النسخ المتماثل للحمض النووي المتضرر.
الآن تخيل ما يمكن أن يحدث إذا قمت بإزالة مورثات BRCA من خلية ما او إذا لحق ضرر ما بآلياتها الجزيئية. من دون البروتينات الموافقة لهذه المورثات، فإنّ العديد من عمليات إصلاح الحمض النووي ستتوقف عن العمل، وبمرور الوقت، كلما تعرضت الخلايا لإشعاع أو لمواد كيميائية، فإنّ المزيد والمزيد من التشوهات ستتراكم. وهذه الطفرات في نهاية المطاف تجعل الخلايا تختل وتتزعزع وتصبح سرطانية.
هذا هو بالضبط ما يحدث عندما تتعرض مورثات BRCA للمساس. إذ تحدث طفرة في أحد المورثات تكافح تعليماته الخاصة به. ونتيجة لذلك، فإنّ المورثات لم تعد لديها القدرة على بناء الإصدارات الصحيحة من البروتين الموافق لها. فقد يكون البروتين قصير بشكل غير طبيعي أو قد لا يمتلك التسلسل الصحيح للأحماض الأمينية. هذه البروتينات المشوهة لا تستطيع المشاركة في عملية إصلاح الحمض النووي، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى انتشار خلايا تحمل الحمض النووي التالف. إذا كانت هذه الخلايا تبطن الأقنية اللبنية في نسيج الثدي، فإنّ كتلة أو ورم، ستنشأ من الخلايا الشاذة التي تتطور هناك.
بالإضافة إلى سرطان الثدي، يمكن لطفرات BRCA أن يؤدي أيضاً إلى الإصابة بسرطان المبيض وسرطان قناة فالوب، وسرطان البنكرياس وسرطان البروستات.
لسوء الحظ، يوجد في الطبيعة الكثير من الطرق لتعطيل مورثات BRCA. حدد العلماء حتى الآن أكثر من 1000 طفرة في مورثة BRCA1 وأكثر من 800 طفرة في مورثة BRCA2 (المصدر: علم الوراثة الرئيسي المرجعي [1] [2]، Genetics Home Reference). ولنتذكر، بأنّه يمكن أن تنتقل هذه المورثات المشوهة من جيل إلى جيل تالي، وهو ما يعني بأنّ الناس الذين يرثون الطفرة سيحملونها معهم طوال حياتهم. فهي موجودة في خلاياهم، آخذة في التطور إلى سرطان دون أن يلاحظها أحد، إلا أن يتخذ شخص ما الخطوات اللازمة لمنع ذلك من الحدوث. وهذا ما ستمضي فيه الاختبارات الوراثية.
الاختبارات الجينية لطفرات مورثة الـ BRCA:
إنّ التعرف على طفرات BRCA تجعل الناس يشعرون بالقلق. فمن السهل أن تعتقد أنّك قد تكون عرضة للإصابة بالسرطان لأنّك قد تحمل إحدى المورثات المعابة. في الواقع، حوالي 5% إلى 10 % فقط من جميع حالات سرطان الثدي في الولايات المتحدة هي نتيجة لطفرات جينية موروثة (المصدر: سوزان جي كومن للعلاج Susan G. Komen for the Cure). وهذا يعني بأنّ كل سرطانات الثدي تقريباً تتطور نتيجة لطفرات عفوية تلقائية أو طفرات مكتسبة لا علاقة لها بالوراثة، وبالتالي، فإنّ معظم النساء لن تستفدن من إجراء الاختبارات الوراثية.
كيف يمكنك أن تعرف ذلك؟
قد تساعدكِ الإرشادات التالية على أن تقرري فيما إذا كان يجب عليكِ أن تخضعي لاختبار وراثي للكشف عن طفرات BRCA. يجب عليكِ أن تأخذي في عين الاعتبار أن تلبي أحد المعايير التالية، وذلك على النحو الذي اقترحته سوزان جي كومن في منظمة من أجل العلاج، وهي منظمة غير ربحية مكرسة للقضاء على سرطان الثدي من خلال البحوث والدعوة إلى التوعية الاجتماعية:
- تم تشخيص سرطان الثدي لديكِ في سن مبكرة.
- تم تشخيص إصابة بسرطان الثدي عند الأم او أخت أو ابنة لك في سن مبكرة أو تشخيص الإصابة بسرطان المبيض لدى إحداهنّ في أي سن كان.
- وجود امرأة في عائلتكِ، من أقارب الدرجة الاولى والثانية (الأم، الأخت، الابنة، الجدة، العمة)، مصابة بسرطان الثدي أو سرطان المبيض.
- تشخيص سرطان الثدي عند أمك أو اخت أو ابنة لك مصابة في كلا الثديين.
- وجود ذكر في عائلتك مصاب بسرطان الثدي.
يوجد اختبار بسيط يمكن من خلاله أن تكتشف وجود طفرة في الخلايا الخاصة بكِ أو عدم وجودها. في معظم التجارب، سوف يأخذ الفني أو الممرض عينة من الدم. وفي اختبارات أخرى، يمكنكِ اجراء مسحة فموية. كلتا الطريقتان تسمحان بالحصول على الخلايا – والمادة الوراثية – من جسمكِ من أجل الاختبار المرفق. في المختبر، يقوم العلماء بتحليل هذه المواد للبحث عن التغيرات الفعلية في مورثات BRCA أو في البروتينات المشفرة بواسطة هذه المورثات. الاختبار يستغرق ثلاثة أو أربعة أسابيع ويمكن أن تكلف عدة مئات أو عدة آلاف من الدولارات.
إذا كانت نتيجة اختباراتِك إيجابية، عندها أعلمي بأنّكِ قد ورثت الطفرة المعروفة بطفرات مورثات BRCA1 أو BRCA2. إنّ وجود طفرة BRCA يزيد بشكل كبير من احتمال خطر الإصابة بسرطان الثدي، وقد يصل إلى نسبة 50 % في سن 50، وإلى نسبة 87 % في سن 70 (المصدر: ميرياد للوراثة Myriad Genetics). يمكن أن يساعدكِ المستشار الوراثي في تقييم هذه المخاطر وتقرير مسار العمل المتخذ. بطبيعة الحال ولأخذ الحذر يجب أن تخضعي، لتصوير روتيني للثدي بالأشعة السينية وفحص سريري للثدي ، وذلك بهدف الكشف المبكر عن السرطان ، حيث يكون المرض غالباً قابل للعلاج. خيار آخر يتضمن تناول العقاقير، مثل عقار تاموكسيفين Tamoxifen، للحد من خطر الإصابة بالسرطان. أو ربما قد ترغبين بإجراء عملية جراحية وقائية، أي إزالة أكبر قدر من ممكن من الأنسجة المعرضة للسرطان.
ومع ذلك لا توجد هناك ضمانات، حتى مع استئصال وقائي للثديين، يمكن أن يتطور سرطان الثدي إذا فشلت العملية الجراحية في إزالة كافة الأنسجة المعرضة للخطر. وفي النهاية فإنّ عصر الطب الوراثي الحديث قد أدى إلى ثورة حقيقية في الكشف عن سرطان الثدي وعلاجه، كانت سبباً في انخفاض معدل الوفيات بسبب سرطان الثدي بنسبة 33% في الولايات المتحدة وذلك منذ عام 1990 (المصدر: سوزان جي . كومن من أجل العلاج for the Cure).
إنّ موقع الكيمياء العربي لا يقدم أي نصائح طبية والهدف من هذا المقال هو تقديم المعلومات اللازمة للفهم عن الموضوع، وفي حال واجهتك أي مشاكل طبية يرجى أخذ النصيحة من طبيبك المختص.
المصدر:
Harris, W. (2013, June 17). How BRCA Genes Work. HowStuffWorks. Retrieved June 5, 2014, from http://science.howstuffworks.com/life/genetic/brca-gene.htm
في حال رغبتم بالقراءة أكثر عن الموضوع يمكنكم تصفح هذه المصادر:
BRCA1. (n.d.). – breast cancer 1, early onset. Retrieved June 2, 2014, from http://ghr.nlm.nih.gov/gene/BRCA1
BRCA1 & BRCA2: Cancer Risk & Genetic Testing. (n.d.). National Cancer Institute. Retrieved June 4, 2014, from http://www.cancer.gov/cancertopics/factsheet/Risk/BRCA
BRCA2. (n.d.). – breast cancer 2, early onset. Retrieved June 3, 2014, from http://ghr.nlm.nih.gov/gene/BRCA2
National Cancer Institute. “What You Need to Know About Breast Cancer.” Retrieved June 5, 2014, from http://www.cancer.gov/cancertopics/wyntk/breast/WYNTK_breast.pdf