الكيمياء الصناعية والنسيجية

انفجار مصنع فرنسي للأسمدة … بسبب التسمية الخاطئة لإحدى المواد!

بعد عشرة أيّام من أحداث الحادي عشر من أيلول، هزّ انفجارٌ ضخمٌ مدينة تولوز الفرنسية، وتحدّثت بعض القنوات الإخبارية عن هجومٍ إرهابي ضرب مصنعاً للأسمدة اسمه AZF.

يقع المصنع المنكوب في ضواحي المدينة، ويبعد نحو ثلاثة كيلومترات عن وسطها. راح ضحية الانفجار 31 قتيلاً، وجُرح المئات، وحلّ دمارٌ هائلٌ في المصنع المنكوب ومحيطه. في بادئ الأمر، لم يستبعد المحقّقون فكرة العمل الإرهابي غير أنّ التحقيقات كشفت لاحقاً عن خطأ غير مقصود في التخزين أدّى إلى الكارثة.

1 ■ عن المصنع المنكوب:

[fusion_builder_container hundred_percent=”yes” overflow=”visible”][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
يمكن ملاحظة الحفرة الكبيرة في موقع الانفجار.
يمكن ملاحظة الحفرة الكبيرة في موقع الانفجار.

بدأ بناء المصنع في القرن التاسع عشر، وكانت مدينة تولوز بعيدة نسبياً عن المصنع. كان من الطبيعي أن تتوسّع مدينة تولوز إلى أن بات المصنع في إحدى الضواحي القريبة.

على مرّ السنين، اختلفت منتجات المصنع وانتقلت ملكيته من شركة إلى أخرى. عند وقوع الحادثة، كان المصنع ملكاً لمجموعة توتال ويحمل اسم AZF.

لم يُعاد بناء المصنع بعد الحادثة المأساوية، بل بُني على أرضه مركزاً لدراسة لأمراض السرطانية. أهم ما كان ينتج مصنع AZF: الأسمدة النيتروجينية، النترات المخصّصة للأغراض الصناعية، والمركّبات الحاوية على الكلور. كان المصنع ينتج الأمونيا في أحد أقسامه لكي تُنقل لاحقاً إلى قسم آخر لإنتاج نترات الأمونيوم.

بالنسبة لنترات الأمونيوم المُصنّعة: كان جزءٌ منها يدخل في في إنتاج المصنع نفسه للأسمدة، أما الكمية المتبقية فكانت تُباع إلى الأسواق لأغراض صناعية متعدّدة.

[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
تخزين نترات الأمونيوم بدون تغليف.
تخزين نترات الأمونيوم بدون تغليف.

لن نتحدّث عن تفاصيل المصنع، وسنكتفي بلمحة عن العنبر 221:

بُني العنبر 221 مع غيره من العنابر بين عامي 1920 و1938، وتقع هذه العنابر في الجزء الشمالي من المصنع، وتُخزّن فيها نترات الأمونيوم. منذ عام 1981، خُصّص العنبر 221 لتخزين نترات الأمونيوم الغير مطابقة للمواصفات، وكان التخزين عادةً بدون تغليف. تُنقل نترات الأمونيوم المخالفة للمواصفات إلى مصانع أخرى ليُعاد الاستفادة منها في صناعة بعض الأسمدة. يُقدّر مخزون العنبر 221 في يوم الحادثة بـ 300 طن من نترات الأمونيوم.

2 ■ الخطأ القاتل:

[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
نجم عن الانفجار حفرة كبيرة في موقع العنبر 221.
نجم عن الانفجار حفرة كبيرة في موقع العنبر 221.

لن ندخل في تفاصيل التحقيقات التي أُجريت بعد الحادثة، فقد طُرحت الكثير من الأسباب الممكنة. دعم التقرير النهائي فكرة أن الانفجار ناجم عن خطأ في التخزين، وذلك على النحو التالي:

في يوم الانفجار، جرى نقل كميّة 500 kg من ثنائي كلورو إيزوسيانورات الصوديوم إلى العنبر 221 على أنّها نترات الأمونيوم، فقد حملت هذه الكمية بطاقة باسم نترات الأمونيوم بدلاً من ثنائي كلورو إيزوسيانورات الصوديوم.

لم يُعرف بالضبط ما هي التفاعلات التي جرت عند التقاء المادّتين، ولكن يُرجّح أنّ التفاعلات أدّت إلى تشكّل ثلاثي كلوريد النيتروجين.

يُعتبر ثلاثي كلوريد النيتروجين مركّباً غير مستقرّاً، ويمكنه في ظروف معيّنة أن ينفجر تلقائياً، ويُعتقد أنّه سبّب انفجار نترات الأمونيوم المخزّنة في العنبر.

3 ■ الخسائر البشرية:

[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
أحد المصابين.
أحد المصابين.

أدى الانفجار الضخم إلى مقتل 31 شخصاً، علماً أن بعضاً من هؤلاء القتلى سقطوا في أماكن بعيدة نسبياً عن المصنع المنكوب. على سبيل المثال، لقى أحد الطلاب حتفه وهو في مبنى جامعي يبعد 500 مترٍ عن مركز الانفجار.

إضافة إلى القتلى، تعرّض المئات لإصابات مختلفة كالجروج والكسور والرضوض، ولُوحظت المشاكل السمعية الحادّة كالصمم الكلّي أو الجزئي بين المصابين.

أدّت المواد المنبعثة عن الانفجار (كالنشادر وثنائي أوكسيد النيتروجين) إلى مشاكل بصرية متعدّدة (كالتهاب الملتحمة)، وإلى مشاكل تنفّسية أيضاً.

ارتفعت تراكيز بعض المواد في مياه الشرب، ولكن ذلك لم يشكّل خطراً على صحّة المستهلكين.

4 ■ تلوّث نهر الجارون:

[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
يقع المصنع في جوار نهر الجارون.
يقع المصنع في جوار نهر الجارون.

أدّى الانفجار الهائل إلى تخريب خزّانات محاليل نترات الأمونيوم، وإلى تسرّبات كبيرة لحمض النتريك. كما كان متوقّعاً، وجد حمض النتريك طريقه في نفس يوم الحادثة إلى نهر الجارون المجاور للمصنع، ولم يكن حمض النتريك هو المادّة الوحيدة التي لوّثت النهر.

بعد أقل من شهر، ازداد تسرّب الأمونيا من المصنع إلى النهر، وذلك لعدم إمكانية احتواء الأمونيا بشكل مضغوط في الخزّانات. نتج عن تسرّب الأمونيا موت الكثير من الأسماك، وخصوصاً عند ارتفاع درجة الـ pH إلى 8.6 (أي عند تغيّر التوازن الكيميائي نحو ظهور الأمونيا الغير شاردية ذات الأثر السامّ على الأسماك).

[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
يمكن ملاحظة المسافة القريبة بين المصنع المنكوب ومنازل السكّان. لم يُعاد بناء المصنع بعد الحادثة.
يمكن ملاحظة المسافة القريبة بين المصنع المنكوب ومنازل السكّان. لم يُعاد بناء المصنع بعد الحادثة.

5 ■ توصيات:

  • التأكّد من أسماء المواد الكيميائية التي نتعامل معها، ومن مواقع تخزينها المناسبة.
  • وضع بطاقات التعريف الخاصّة بالمواد الكيميائية في أماكن واضحة (قد تقع أخطاء بسبب وجود بطاقة التعريف في مكان يصعب رؤيته).
  • دراسة كل التفاعلات الكيميائية التي ستقع عند التقاء المواد مع بعضها، سواء أكان التقاء المواد مقصوداً أم عن طريق الخطأ.
  • عدم التهاون في التعامل مع المواد المخالفة للمواصفات.
  • الأخذ بعين الاعتبار التوسع العمراني للمدن: طبعاً، يجب إبعاد المصانع ذات الطبيعة الخطرة عن التجمّعات السكنية، مع دراسة الأثر التدميري للحوادث إذا وقعت.

6 ■ المصادر:

Explosion in the AZF Fertilizer Plant. (July 2013). Bureau for Analysis of Industrial Risks and Pollutions (BARPI). Retrieved July 06, 2016, from http://www.aria.developpement-durable.gouv.fr/wp-content/files_mf/FD_21329_TOULOUSE_DP_JLC_GB_29072013.pdf

On the Catastrophic Explosion of the AZF plant in Toulouse. (April 2012). 8th Global Congress on Process Safety. Retrieved July 06, 2016, from http://azf.danieldissy.net/Guiochon/AZF-Toulouse-Houston.htm

The AZF Chemical Accident. (November 2015). EUROSAFE Tribune. Retrieved July 06, 2016, from https://www.eurosafe-forum.org/sites/default/files/tribune/T28%20WEB.pdf

[/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]
شارك هذه المادة!

أنس زهير معروف

كيميائي سوري. البريد الالكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى