الكيمياء العامة واللاعضويةمقالات علمية

كيمياء الفلفل الحار – الجزء الأول

لا يخلو أي مطبخ من الفلفل الحار، وطعمه اللاذع وذلك الشعور بالحرارة يعطي للوجبات لذة لا توصف عند البعض، وألماً ودموعاً ووعوداً بعدم تناول الأكل الحار مرة أخرى لدى البعض الآخر.

ولكن، لماذا يكون الفلفل حاراً بهذا الشكل، وهل تختلف هذه الحرارة باختلاف نوع الفلفل؟ وماذا نفعل لتخفيفها؟ ما الذي يحدث على ألسنتنا وفي أجسامنا عند تناولنا للفلفل الحار؟ وهل له استخدامات أخرى غير الطعام؟ في هذه المقالة ذات الجزءين، سنجيب عن هذه الأسئلة وسنتعرف على كيمياء الفلفل الحار.

يكتسب الفلفل حرارته من مركب الكابساسين Capsaicin – C18H27NO3، وهو مركب عديم اللون والرائحة ويشبه الزيت وهو موجود في ثمار النباتات ذات القرابة مع الطماطم. يوجد الكابساسين بشكل رئيسي في غشاء البذور.

[fusion_builder_container hundred_percent=”yes” overflow=”visible”][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
500px-Kapsaicyna.svg
الصيغة التركيبية للكابساسين

وجدت هذه النباتات في الأمريكيتين ونُقلت إلى أوروبا على يد المكتشف كريستوفر كولومبوس والذي كان يظن خطأً أن لها علاقة بالفلفل الأسود (النبات الذي نأخذ منه الفلفل).

يوجد الكابساسين وبكميات أقل في أنواع أخرى من البهارات، مثل الأوريكانو والقرفة والكزبرة.

مقياس سكوفيل:

تقاس حرارة الفلفل بمقياس سكوفيل (Scoville)، وهو عبارة عن سلسلة من (وحدات الحرارة) التي تتراوح بين 0 إلى 16 مليون، بالاعتماد على كمية الكابساسين الموجودة في الفلفل.

وضع هذا المقياس سنة 1912 على يد الصيدلاني الأمريكي ويلبور سكوفيل، ولقياس حرارة الفلفل، أخذ سكوفيل مستخلصاً من الفلفل وحدد كمية الماء المحلى بالسكر المطلوبة لتخفيف المستخلص إلى المقدار الذي لا يمكن أن يتحسسه فريق من المتطوعين المختبرين للمذاق. على سبيل المثال: إذا كان لديك 1 ملليلتر من مستخلص الفلفل، واحتاج هذا المستخلص إلى 100 ملليلتر من الماء المحلى بالسكر لتخفيفه إلى درجة عدم القدرة على تحسس حرارته يكون هذا الفلفل في المرتبة 100 ضمن المقياس، وإذا احتاج إلى 1,000 ملليلتر فيكون ضمن المرتبة 1000 من وحدات الحرارة ضمن المقياس، وهكذا.

يكون الكابساسين الخالص في أعلى القائمة بـ 16 مليون وحدة حرارة، أما الفلفل الجرسي فهو في أسفل القائمة بـ 0 وحدة حرارة لأنه لا يحتوي على الكابساسين. في حين يقع عقرب موروكا (Moruga Scorpion)  (نوع من الفلفل) في المرتبة 2,000,000 وحدة حرارة، وتركيز الكابساسين فيه مقارب لتركيزه في رذاذ الفلفل. يترواح فلفل الهالابينو بين 5,000 و50,000 وحدة حرارة، بينما يمتد الهابانيرو من 100,000 إلى 350,000 وحدة حرارة.

[/fusion_builder_column][fusion_builder_column type=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”no” center_content=”no” min_height=”none”]
Trinidad-Scorpion-Moruga3
عقرب موروكا

توجد في الوقت الحاضر طرق متطورة ومتقدمة لقياس كمية الكابساسين في الفلفل وذلك باستخدام أجهزة تعمل على قياس تركيزه بوحدات الجزء من مليون جزء (ppm)، فالـ (ppm) الواحد يعني أن هناك مليغراماً واحداً من الكابساسين في الكيلوغرام الواحد من الفلفل، ولكن الكابساسين فعال جداً لدرجة أن كمية منه بتركيز 10ppm يمكنها ترك شعور الحرارة على اللسان ولمدة زمنية طويلة.

يمكن أن تكون الجرعة الكبيرة من الكابساسين وبشكله المركز سامة إذا تناولها الإنسان، ولكن الكميات الموجودة في الأنواع المختلفة من الفلفل الحار صغيرة جداً لذا يكون خطر التسمم ضئيلاً جداً، ولكن انتبه، إذا تعاملت مع الصيغة النقية منه فيجب عندها ارتداء الكمامات وقفازات اليد.

ماء أم حليب؟

لنلقِ نظرة على هذا السيناريو:

دخلت إلى مطعم للوجبات السريعة، وطلبت وجبة من أجنحة الدجاج المتبلة بالفلفل الحار. جلست على الطاولة، وبدأت بتناول الأجنحة، ولكن!!!

الطعام حار جداً، وحرارته تفوق قدرتك على الاحتمال، إذن، ماذا ستفعل؟ ستشرب كمية كبيرة من الماء، صحيح؟

في الواقع تصرفك هذا سيزيد الأمر سوءاً، فالماء سيزيد المشكلة بدلاً من تخفيفها، فأنت كمن يلقي بالماء على زيت مشتعل.

لو ألقينا نظرة على تركيب الكابساسين سنلاحظ أن الجزيئة مكونة من ذيل طويل من الهيدروكاربونات، وهي مركبات مكونة من الهيدروجين والكاربون، والكثير من أنواع الوقود الشائعة مثل الكازولين والشموع مشتقة من الهيدروكاربونات.

تميل الهيدروكاربونات إلى أن تكون لا قطبية، أي أن الإلكترونات ذات الشحنة السالبة والبروتونات ذات الشحنة الموجبة متوزعة بشكل متساوٍ خلال الجزيئة.

أما الجزيئة القطبية، فتمتلك مناطق مميزة ذات شحنة موجبة و سالبة، حيث تميل الإلكترونات إلى البقاء بالقرب من الذرة ذات السالبية الكهربائية العالية، فيكون قسم من الجزيئة ذا شحنة سالبية جزئية، والقسم الآخر ذا شحنة موجبة جزئية، وتوصف هذه الشحنات بالـ (جزئية) لأن الآصرة لا زالت من النوع التساهمي، ولكن الإلكترونات غير متوزعة بشكل متساوٍ بين الذرات.

يعد الماء مثالاً جيداً للمركبات القطبية، حيث تكون ذرة الأكسجين ذات شحنة سالبة جزئية، وذرتا الهايدروجين ذات شحنة موجبة جزئية.

وبالعودة إلى مركب الكابساسين فنلاحظ من تركيب الجزيئة أن الأقسام ذات الصفة القطبية في الجزيئة مترتبة بشكل نحصل فيه على إلغاء الصفة القطبية للجزيئة بشكل عام، لنحصل على جزيئة غير قطبية.

تميل المركبات القطبية إلى الذوبان في مركبات قطبية أخرى، والحال نفسه في المركبات القطبية التي تميل إلى الذوبان في مركبات غير قطبية أخرى، ويسمى هذا المبدأ بـ (الشبيه يذيب شبيهه) (Like dissolve Like).

لذا، فإن شرب الماء بعد تناول الفلفل الحار يعمل على زيادة انتشاره على لسانك، وزيادة الشعور بالحرارة.

يفضل في مثل هذه الحالات شرب الحليب أو تناول المثلجات، وذلك لأنهما يحتويان على جزيئات غير قطبية تدعى بالكازايين Casein، تقوم بجذب الكابساسين ثم الإحاطة به ثم إزالته، بنفس الطريقة التي يزيل بها الصابون الزيوت والأوساخ، لذا سيكون جبن قريش Cottage cheese مفيداً جداً لأن الكازايين هو المكون الأساسي فيه. كذلك يمكن تناول قطعة من الخبز أو أي غذاء نشوي آخر، حيث أنه مصنوع من مركبات غير عضوية أيضاً، تساعد في تخفيف الألم والحرارة وتمنح الشعور بالارتياح.

في الجزء الثاني من المقالة، سنلقي نظرة على ما يحدث داخل أجسامنا عند تناولنا للفلفل الحار، وسنتعرف على الاستخدامات الأخرى للكابساسين.

المصدر:

Brian Rohrig. Hot Peppers: Muy Caliente! ChemMatter Online. Retrieved September 2, 2015, from http://www.acs.org/content/acs/en/education/resources/highschool/chemmatters/past-issues/archive-2013-2014/peppers.html

[/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]
شارك هذه المادة!

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى