هل يمكن للتحليل الطيفي أن يحمي ذكور الصيصان من القتل المتوحّش؟
■ الجريمة المنظّمة:
عندما تفقس الصيصان من بيوضها في المزارع الريفية البسيطة فستأخذ فرصتها بالحياة بغض النظر عن جنسها، ولكنّ الأمر يختلف تماماً في معظم شركات تربية الدواجن، فالتمييز وفقاً للجنس هو الأمر المأساوي السائد.
ترغب شركات الإنتاج الكبرى في تربية الصيصان الإناث فقط، فهي ستنتج البيض في المستقبل، ناهيك أنّ هذه الشركات تربّي عادةً سلالات من الدجاج لا فائدة اقتصادية من تسمين ذكورها (تحتاج ذكور هذه السلالات إلى عناية أكبر للاستفادة من لحمها). وفقاً لموقع دويتشه فيله (DW)، يُقتل أكثر من 40 مليون صوص ذكر سنوياً في ألمانيا وحدها، أما على مستوى العالم فإنّ الرقم يصل إلى 2.5 مليار صوص ذكر.
لن نتحدّث عمّا ستعانيه الصيصان وهي تُقتل بأبشع الطرق، فهي إمّا أن تمزّق وتُقطّع بآلات حادّة، أو سيخنقها غاز ثنائي أكسيد الكربون.
تُطالب جماعات حقوق الحيوان بحماية ذكور الصيصان أو إيجاد طرق أكثر رحمة في التخلّص منها، وتتقاطع مطالب هذه الجماعات مع مصلحة شركات الإنتاج الكبرى ولكن من منظورٍ مختلف، إذ تعاني هذه الشركات من نفقات كبيرة، فهي تحتضن أطنان من البيض دون فائدة، كما أنها تصرف أموالاً هائلة للتخلّص من الصيصان.
لتخفيض التكاليف، تقوم بعض الشركات بمعالجة الصيصان المقتولة للاستفادة منها في صناعة علف الماشية، في حين تُقدّم بعض الصيصان كغذاء في حدائق الحيوان، ولكن لا يعدّ هذا كافياً، وتبقى مصلحة الشركات في إيجاد حلول جذرية للمشكلة.
■ تقنية جديدة لوقف المعاناة:
قبل أن نبدأ بالتقنية الجديدة، نذكّر بالاختبار المتوافر حالياً لتحديد جنس الصيصان وهي في داخل بيوضها، ويعتمد الاختبار على قياس المستويات الهرمونية أو دراسة الـ DNA، ولكن لا يمكن إجراء ذلك إلا بحدود اليوم التاسع من عمر الجنين، علماً أنّ الجنين يشعر بالألم منذ اليوم السابع من عمره.
من ناحية أخرى، يتطلّب هذا الاختبار أخذ عيّنة من داخل كل بيضة لإجراء التحليل، وهذا غير عمليّ أبداً في حالة الكميات الكبيرة، ممّا يدفع الباحثون إلى إيجاد طرق أكثر نفعاً.
سنتحدّث فيما يلي عن تقنية جديدة يعمل باحثو جامعة درسدن للتكنولوجيا (الألمانية) على تطويرها …
تمتاز هذه التقنية بأنها أقل اختراقاً للبيضة مقارنة مع تقنيات أخرى لها نفس الهدف، وتُطبّق في مرحلة عمرية مبكّرة للجنين، أي أنّ الجنين لن يتألّم إذا تعرّضت البيضة للإتلاف المتعمّد.
اعتمد الباحثون على خلايا الدم الحمراء للوصول إلى هدفهم، إذ تحوي هذه الخلايا على المعلومات الوراثية المتعلّقة بنوع الجنس.
بعد نحو ثلاثة أيام ونصف من عمر الجنين، يعمل شعاع ليزري على فتح نافذة صغيرة في قشرة البيضة، وحينها ستكون الأوعية الدموية للجنين مرئية.
بعد ذلك، يتمّ تسليط شعاع ليزري آخر (طول موجته من مجال الأشعة تحت الحمراء القريبة) على داخل البيضة، ومن ثمّ تُدرس الأشعة المرتدة المتبعثرة.
تتكوّن الأطياف المرتدّة من إشارة تألقية قوية للهيموغلوبين، ومن إشارة ضعيفة لتبعثر رامان، حيث تحمل هاتان الإشارتان معلومات بيوكيميائية معقّدة عن بنية خلايا الدم.
ممّا لاحظه الباحثون أن تألقاً معيّناً (عند طول موجة 910 nm) ينتج فقط عن دم الأجنّة الذكور البالغة من العمر ثلاثة أيام ونصف.
نجح الباحثون في تحديد جنس 93% من 380 بيضة مدروسة، وذلك بعد ربط المعلومات المُستقاة من ظاهرة التألق مع معلومات تبعثر رامان الناتج.
يعدّ هذا العمل تحسيناً لأعمالٍ سابقة اعتمدت على مطيافية تحويل فورييه للأشعة تحت الحمراء (FTIR) أو على مطيافية رامان، فمثلاً، لم تنجح إحدى الدراسات السابقة في تجاوز نسبة 90% اعتماداً على مطيافية رامان فقط.
يعمل الباحثون حالياً على تطوير نموذج صناعي مؤتمت يمكن تطبيقه عملياً في شركات الإنتاج الكبرى.
يتحدّث خبراء الدواجن عن إيجابيات وسلبيات التقنية الجديدة، فهي تمتاز بأنّها أقل اختراقاً للبيض من الطرق الأخرى، وتُطبّق في مرحلة عمرية مبكّرة من حياة الأجنّة، ولكنّها تحتاج إلى بعض التحسينات لكي تدخل بقوّة في عالم الدواجن (كزيادة الدقة وتخفيض زمن الفرز)، مع ضمان عدم إيذاء أو تلويث الأجنّة أثناء تطوّرها.
■ المصادر:
Spectroscopy allows in-egg chicken sexing. (January 18, 2017). Chemistry World. Retrieved February 03, 2017, from https://www.chemistryworld.com/news/spectroscopy-allows-in-egg-chicken-sexing-/2500274.article
German scientists seek way to end live chick shredding. (April 25, 2016). Phys.org. Retrieved February 03, 2017, from https://phys.org/news/2016-04-german-scientists-chick-shredding.html
الجانب المظلم في إنتاج بيض الدجاج. (August 28, 2013). دويتشه فيله (DW). اُسترجعت بتاريخ February 03, 2017 من http://www.dw.com/ar/الجانب-المظلم-في-إنتاج-بيض-الدجاج/a-17036703