الكيمياء العامة واللاعضويةملخصات أبحاث

الهيليوم الخامل وتشكيل مركبات غريبة

كان يعتقد منذ زمن طويل أنه خامل تماماً وبالتالي متحفظ جداً للارتباط بالذرات الأخرى، ومؤخراً، تفاجئ الكيميائيون بتشكيله لمركبات كيميائية!

في العام الماضي، أُبلِغَ العلماء بإنتاجهم للمركبات -وهي بلورات مصنوعة من ذرات الصوديوم والهيليوم–  لكنهم لم يتمكنوا من فهم كيفية تشكلها! إلا أنّ فريقًا جديداً من الباحثين قاموا بتقديم شرحٍ لذلك.

الهيليوم، أكثر الغازات النبيلة شهرة

يوجه الهيليوم الدمج مع ذرات أخرى دون تشكيل أي روابط كيميائية، وهذا دون تقاسم أو تبادل أي الكترونات. يقوم العنصر بذلك عن طريق حماية الذرات المشحونة إيجابياً من بعضها البعض.

ويتصرف كواقي بين الشحن المتنافرة.

يقول: أرتيم أوغانوف Artem Oganov، كيميائي في معهد سكولكوفو للعلوم والتكنولوجيا في روسيا

  • “لقد اقترحوا شرحًا وأحببته، هذا النموذج هو تنبؤيّ ويشرح كل الملاحظات التي لدينا حتى الآن”

المركبات كانت مذهلة لأنّ العلماء كانوا يعتقدون أنّ الهيليوم عنصر خامل ومن الصعب اتحاده مع الذرات الأخرى.

هذا لأنّ ذرة الهيليوم تكره التخلي عن إلكتروناتها التي تملأ تمامًا حجرة الإلكترون Electron Shell الوحيدة.

تملك كل ذرة مثل هذه الحجرات التي تحتوي على أعداد محددة من الإلكترونات وهيكل هذه الجسيمات سالبة الشحنة حول النواة الذرية. تفضّل الذرات أن تكون حجراتها ممتلئة تماماً، وتترابط مع ذرات أخرى يمكن أن تأخذ أو تمنح جسيم إضافي أو اثنين لملىء الحجرة. وكما هو معروف فإنّ الغازات الخاملة هي العناصر التي تحتوي على حجرات مملوءة بالفعل وليس لديها أي الكترونات لتمنحها  – والهيليوم هو الأصغر، ويعتبر الأكثر خمولاً بين هذه الغازات.

الكيميائي ماو شينج مياو

بالإضافة إلى أوغانوف، قدم الكيميائي ماو شينج مياو Maosheng Miao بحثًا جديدًا نشر في مجلة نيتشر Nature Communications، حيث وجد الفريق البحثي أنّه إذا وضعت الصوديوم والهيليوم معاً.

وعُرّضوا لضغوط مثل التي في مركز الأرض؛ فإنّ الصوديوم يمكن أن يتفاعل مع الهيليوم لتشكيل مركبات مستقرة.

إذاً، اعتقد علماء الفئة الأولى، ممثلة بفريق أوغانوف، أنّ :

  • الهيليوم قد يشارك الإلكترونات بعد كل شيء. لكن فريق مياو اقترح تفسيراً بديلاً: ربما لا يعطي الهيليوم أو يستقبل أية إلكترونات، ولكنه يتحد بطريقة ما مع ذرة الصوديوم.
  • يمكن للضغط العالي بمافيه الكفاية سحق مجموعة من ذرات الصوديوم إلى درجة أنّ الإلكترونات الزائدة على كل ذرة يحصل على ضغط، ويحوّل جميع الذرات إلى أيونات مشحونة بشحنة إيجابية.

وعندها كل أيون يتدافع مع الأيونات المجاورة له؛ لأنّ الشحنات المتماثلة تتدافع مع بعضها البعض كما هو معروف.

كان مياو وزملاؤه يعتقدون أنه إذا استطاعت ذرات الهيليوم بأن تأتي وتتوضع بين أيونات الصوديوم؛ فإنّ المسافة بين الشحنات الموجبة ستزداد، وطاقة التنافر يمكن أن تقلِّل من استقرار المواد.

يقول مياو:

  • “أعتقد أنّ هذه هي المرة الأولى على الإطلاق التي لاتتوفر فيها رابطة كيميائية، ومع ذلك يمكن تكوين مركب ثابت.”

بناءاً على فرضيتهم، أجرى فريق مياو حسابات كمبيوتر شاملة مستخدمين قوانين ميكانيكا الكم التي تغطي كل ذرة، ووجدوا أنه يجب أن تعمل كل هذه المركبات. تقول إيفا زوريك Eva Zurek، كيميائية في جامعة بوفالو SUNY وعضو في الفريق: “كان من المثير أن تكون الفكرة صحيحة في الحسابات. يمكننا أيضاً التنبؤ بمركبات جديدة لم بتم دراستها من قبل.”

يأمل العلماء أن يحاول التجريبيون إنشاء المركبات الجديدة، والتي تضم تراكيب من الهيليوم مع فلوريد المغنزيوم وفلوريد الكالسيوم. قد يكون للاكتشاف أيضاً آثاراً على تركيبة العناصر التي يعتقد أنها موجودة في أعماق كوكبنا. كان العلماء يظنون أنّ الهيليوم يفتقر إلى الترابط مع عناصر أخرى، لكن لايمكن أن يُحبَس بعيداً داخل صخور الأرض. حتى الهيليوم الأكثر خمولاً من كل شيء، ليس خاملاً كما كنا نظن! في الواقع، يستطيع الهيليوم تشكيل مركبات مستقرة، يتم الاحتفاظ بها في داخل الأرض.

يرغب الكيميائيون، في المستقبل، إيجاد قواعد أكثر عمومية؛ للتنبؤ عند حدوث مثل هذه الجزيئات غير العادية، لأنّ العديد من قوانين الكيمياء المعتادة لا تنطبق تحت الضغط المرتفع.

إذا فكرت في الأمر لبعض الوقت، فكل شيء معقول تماماً، لكنك لا تتوقعه في بداية الأمر، وهذا مثيرٌ للاهتمام! شاركونا بآرائكم!

المصادر:

A Noble Gas Surprise: Helium Can Form Weird Compounds. Scientific American. Retrieved October 27, 2018, from https://www.scientificamerican.com/article/a-noble-gas-surprise-helium-can-form-weird-compounds

Liu, Z., et al. Reactivity of He with ionic compounds under high pressure. Nature Communications; 9, Article number: 951 (2018)

Dong, X., et al. A stable compound of helium and sodium at high pressure. Nature Chemistry volume 9, pages 440–445 (2017)

شارك هذه المادة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى