الكيمياء البيئية والغذائيةالكيمياء الحيويةالكيمياء الفيزيائية وعلم الموادعلماء ومشاهير

جائزة نوبل في الكيمياء: تطور الكيمياء الحديثة (الجزء الخامس)

نتابع ما بدأنا به من سلسلة جائزة نوبل في الكيمياء (يمكنكم الإطلاع على الأجزاء السابقة من هنا: الأول والثاني والثالث والرابع)

3-11- البوليمرات والمواد الغروية

تتواجد المواد البوليمرية في المحلول بما فيها المكونات الحية كالبروتينات و عديدات السكر بحالة غروية أي أنها تتواجد بشكل معلقات بأبعاد تتراوح بين أجزاء من الألف إلى المليون من السنتيمتر. في حالة البوليمرات الحيوية فإن الجزيئات المفردة منها تكون كبيرة جداً لتشكل معلق غروي ولكن الكثير من المواد الأخرى يمكن أن تتخذ الحالة الغروية. إن المثال الأكثر دراسة هو تجمعات ذرات الذهب وقد مُنحت جائزة نوبل للكيمياء في عام 1925 للعالم Richard Zsigmondy  من مدينة Gottingen لتفسيره الطبيعة المتغايرة لغرويات الذهب. وقد أنجز ذلك بمساعدة المجهر الفائق (Ultramicroscope) والذي قام بتطويره بالتعاون مع العلماء في مصنع Zeiss في مدينة Jena. حيث يمكن ملاحظة الجسيمات وحركتها عبر هذا المجهر من خلال الضوء الذي تقوم ببعثرته بزاوية دقيقة باتجاه الحزمة الضوئية المشعة. كما أن بداية العمل في كيمياء الغرويات كانت على يد العالم Wolfgang Ostwald ابن العالم Wilhelm Ostwald  الحائز على جائزة نوبل عام 1909 ولكن هذا لا يعد معياراً لكي ينال جائزة نوبل كوالده.

تحرى العالم Svedberg والذي تلقى جائزة نوبل للكيمياء في عام 1926 عن غرويات الذهب أيضاً. وقد استخدم المجهر الفائق الذي استعمله Zsigmond  لدراسة الحركة البراونية للجسيمات الغروية والتي تمت تسميتها بذلك نسبة لعالم النبات الاسكتلندي Robert Brown وقام بتأكيد النظرية التي تم تطويرها من قبل العالم Albert Einstein في عام 1905 وبشكل مستقل من قبل العالم M.Smoluchowski  . إن إنجازه الأهم كان بناء المثفلة الفائقة والتي درس من خلالها ليس فقط توزع أبعاد الجسيمات في غرويات الذهب بل تمكن أيضاً من تحديد الوزن الجزيئي للبروتينات كالهيموغوبين. في نفس العالم الذي نال فيه Svedberg الجائزة تم منح جائزة نوبل للفيزياء للعالم Jean Baptiste Perrin من جامعة Sorbonne لتطويره عملية الترسيب في حالة التوازن في المحاليل الغروية وهي الطريقة التي فضلها Svedberg لاحقاً في المثفلة الفائقة. كانت استكشافات Svedbreg للمثفلة الفائقة  ودراسات Tiselius في المجهر الإلكتروني (انظر القسم 3-10) وسيلة لتأسيس فكرة أن الجزيئات البروتينية تملك بنية وأبعاد فريدة من نوعها وهذا كان متطلب أساسي لعمل Sanger بتحديد تتالي أحماضها الأمينية ولعمل Kendrew و Perutz في التصوير البلوري (انظر القسم 3-5).

في عشرينات القرن العشرين قام العالم Hermann Staudinger  من Freiburg بتطوير مفهوم الجزيئات الكبرى (macromolecules) . قام باصطناع العديد من البوليمرات وأظهر أنها عبارة عن جزيئات ذات سلاسل طويلة. وقد اعتمدت صناعة البلاستيك بشكل كبير على إنجازات Staudinger . وفي عام 1953 تلقى جائزة نوبل للكيمياء لاكتشافاته في مجال كيمياء الجزيئات الكبرى. في عام 1963 تمت مشاركة الجائزة بين العالمين Karl Ziegler من معهد ماكس بلانك في Mulheim و Giulio Natta من Milan وذلك لاكتشافاتهم في مجال كيمياء وتقانة البوليمر. حيث أثبت Ziegler  أنه يمكن استخدام العديد من المركبات العضوية المعدنية (انظر القسم 3-7) للتأثير في تفاعلات البلمرة. بينما أظهر Natta أن المحفزات التي استعملها Ziegler  يمكن أن تؤدي لإنتاج بوليمرات ببنية ثلاثية الأبعاد منتظمة للغاية. جائزة نوبل أخرى تم منحها للعالم Paul J. Flory من جامعة Stanford في عام 1974 وذلك لمساهماته في كيمياء البوليمر. قام Flory  بوضع الأسس النظرية والتجريبية للكيمياء الفيزيائية للجزيئات الكبرى ولكن عمله أدى لاكتشاف بوليمرات مهمة كالنايلون والمطاط الصناعي. في عام 1977 تم نشر ورقة بحثية بالعنوان التالي :            “Synthesis of electrically conducting organic polymers: Halogen derivates of polyacetylene” أي (اصطناع البوليمرات العضوية الناقلة للكهرباء انطلاقاً من المشتقات الهالوجينية للبولي أسيتلين) وتم نشرها في مجلة

Journal of the American Chemical Society, Chemical Communications  . أما الباحثين في هذه الورقة فهم Alan J.Heeger من جامعة كاليفورنيا في Santa Barbara و Alan G. MacDiarmid من جامعة بنسلفانيا و Hideki Shiakawa من جامعة Tsukuba في اليابان وقد نالوا جائزة نوبل للكيمياء في عام 2000 بسبب هذا الاكتشاف. وقد ازداد استخدام هذه البوليمرات الموصلة في عدد من التطبيقات كالصمام الثنائي ذو الموصلية الضوئية (Photodiode) والصمام الثنائي ذو الإصدار الضوئي (Light-emitting diodes) ولها تطبيقات محتملة مستقبلاً لتوليد مواد إلكترونية دقيقة اعتماداً على المواد البلاستيكية.

3-12- الكيمياء الحيوية

أتت جائزة نوبل الثانية للاكتشافات في الكيمياء الحيوية في عام 1929 عندما تشارك العالمان Sir Arthur Harden من لندن و Hans Von Euler-Chelpin من ستوكهولم هذه الجائزة وذلك لأبحاثهما في موضوع تخمر السكر والذي شكل استمراراً مباشراً لعمل Buchner الذي منح الجائزة في عام 1907 . أظهر Harden وبمساعدة زميله في العمل William John Young في عام 1906 بأن عملية التخمر تتطلب مادة قابلة للتفكك تدعى بالأنزيم المساعد والذي لا يتخرب بالحرارة . وضح العالمان Harden  و Young أيضاً بأن هذه العملية تتوقف قبل أن يتم استهلاك كامل كمية السكر أو الغلكوز المستخدم ولكنها تعود وتبدأ مجدداً بإضافة الفوسفات اللاعضوية و اقترحا بأن فوسفات الهكسوز تتشكل في الخطوات الأولى لعملية التخمر. أنجز Von Euler عملاً هاماً يتعلق ببنية هذا الأنزيم المساعد والذي تبين بأنه دي نكليوتيد الأدنين نيكوتين أميد أو NAD وسمي سابقاً DPN . وبما أن عدد الحاصلين على الجائزة يمكن أن يكون ثلاثة فيبدو أنه كان من الملائم أن ينضم Young لهذه الجائزة لكن اكتشاف Euler قد تم نشره بالمشاركة مع Karl Myrback وعدد الحائزين على جائزة واحدة محدد بثلاثة.

منحت جائزة نوبل التالية للكيمياء الحيوية في عام 1946 للعمل في مجال البروتينات. تلقى العالم James B.Sumner من جامعة Cornell نصف الجائزة لاكتشافه بأن الأنزيمات يمكن أن تتبلور وتشارك العالمان John H.Northrop و Wendell M.Stanley من معهد Rockefeller النصف الثاني من الجائزة وذلك لتحضيرهم الأنزيمات و بروتينات الفيروسات بصيغة نقية. تمكن Sumner في عام 1926 من بلورة أنزيم اليورياز من علب الفول واقترح بأن البلورات الناتجة هي بروتين نقي . وقوبل ادعاءه على أية حال بكثير من الشك واقترح بأن البلورات الناتجة هي أملاح لاعضوية حُبس فيها أو ادمص عليها الأنزيم. بعد بضع سنوات من اكتشاف Sumner تمكن Northrop من بلورة ثلاثة أنزيمات هضمية وهي الببسين والتربسين والكيموتربسين وبعد القيام بتجارب مجهدة تمكن من إظهارهم بشكل بروتينات نقية. بدأ Stanley محاولته لتنقية بروتينات فيروسية في الثلاثينيات ولكن لم يتمكن حتى عام 1945 من الحصول على بلورات فيروسية وهذا جعله من الممكن أن يظهر لاحقاً أن الفيروسات هي معقدات من البروتين والأحماض النووية. وتشكل الدراسات الأولية لهذه الأبحاث الثلاثة الأساس للعديد من البنى البلورية الجديدة للجزيئات الحيوية والتي انتشرت في النصف الثاني من القرن العشرين (انظر القسم 3-5).

مُنحت عدة جوائز نوبل للعمل في عمليتي التركيب الضوئي والتنفس وهما العمليتان الأساسيتان لاستقلاب الطاقة عند الكائنات الحية (انظر القسم 3-5). في عام 1961 تلقى العالم Melvin Calvin من Berkeley الجائزة لتوضيحه عملية امتصاص غاز ثنائي أوكسيد الكربون عند النباتات. أظهر Calvin وبمساعدة الكربون 14 (انظر القسم 3-6) أن غاز ثنائي أوكسيد الكربون يثبت من خلال عملية دورية تتطلب عدة أنزيمات.مُنح العالم Peter Mitchel من مختبرات Glynn للأبحاث في بريطانيا الجائزة في عام 1978 وذلك لصياغته نظرية الكيمياء الحلولية أو الأسموزية ووفقاً لهذه النظرية فإن انتقال إلكترون (انظر الأقسام 3-3 و 3-4) عبر الأغشية المضاعفة للأنزيمات في كل من عمليتي التنفس والتركيب الضوئي مقترن بانتقال بروتون عبر الأغشية ولذلك فإن التدرج الكهركيميائي الحاصل يستخدم ليقود عملية اصطناع ثلاثي فوسفات الأدينوزين أو ATP وهي الجزيئة المخزنة للطاقة في الخلايا الحية. تشارك العالمان Paul D.Boyer من جامعة كالفورنيا-لوس أنجلوس UCLA و Jhon C.Walker من مختبر MRC في كامبريدج نصف جائزة في عام 1997 لتوضيحهم آلية اصطناع مركب ATP بينما ذهب النصف الآخر من الجائزة إلى Jens C.Skou في Aarhus لاكتشافه الأول للأنزيم الناقل للأيونات. حدد Walker البنية البلورية لأنزيم اصطناع ATP وقد أكدت هذه البنية الآلية المقترحة مسبقاً من قبل Boyer وذلك بالاعتماد بشكل رئيسي على الدراسات المتعلقة بالنظائر.

مُنح العالم Luis F. Leloir من مدينة بونس آيرس جائزة نوبل في عام 1970 وذلك “لاكتشافه نكليوتيدات السكر ودورها في الاصطناع الحيوي للكربوهيدرات”. وقد وضّح بشكل خاص الاصطناع الحيوي للغليكوجين وهو السكر الرئيسي التخزيني عند الحيوانات والأحياء الدقيقة . ذهبت الجائزة بعدها بعامين مناصفةً فكان النصف الأول للعالم Christian B.Anfinsen من NIH (المعهد الوطني للصحة) والنصف الآخر تمت مشاركته بين العالمين Stanford Moore و William H.Stein وكلاهما من جامعة Rockefeller وذلك بسبب عملهم التأسيسي في كيمياء البروتين. أظهر Anfinsen و باستخدام أنزيم الريبونكلياز أن المعلومات حول تصور البروتين ببنية محددة ثلاثية الأبعاد تكون ملازمة حسب تسلسل أحماضه الأمينية وكان هذا الاكتشاف نقطة البداية للداراسات حول آلية انطواء البروتين والذي يعد إحدى أعظم مجالات البحث في الكيمياء الحيوية في أيامنا هذه. قام Moore و Stein بتحديد تسلسل الأحماض الأمينية للريبونكلياز ولكن تلقيا جائزة نوبل لاكتشافهم الخصائص غير السوية للمجموعات الوظيفية في الموقع الفعال من الأنزيم والتي تعد نتيجة لانطواء البروتين.

ويشكل طبيعي فإن هناك عدد من جوائز نوبل في الكيمياء تم منحها للعمل في مجال الحموض النووية.في عام 1980 تلقى العالم Paul Berg نصف جائزة نوبل لأبحاثه في الحمض النووي DNA المؤشب ويقصد به جزيء يحتوي عدة أجزاء من DNA عائدة لأنواع مختلفة بينما النصف الثاني من الجائزة فكان مشاركة بين Walter Gilbert من جامعة Harvard و Frederick Sanger (انظر القسم 3-5) وذلك لتطويرهما طرقاً لتحديد تسلسل الأسس للحموض النووية. إن عمل Berg أدى لوضع أسس الهندسة الوراثية والتي أدت لازدهار الصناعات المعتمدة على التقانة الحيوية. كما يعد تحديد تتالي الأسس في هذه الأحماض خطوات أساسية في تقانة ال DNA المؤشب وهذا هو السبب المنطقي الذي أدى لمشاركة Gilbert و Sanger الجائزة مع Berg . تشارك العالمان Sidney Altman من جامعة Yale و Thomas R.Cech من جامعة Colorado الجائزة في عام 1989 وذلك لاكتشافهم الخصائص التحفيزية للحمض النووي RNA . حيث يعد المبدأ الأساسي في البيولوجيا الجزيئية : enzyme    RNA    DNA . وهذا الاكتشاف يعني أنه ليس فقط الأنزيمات بل كذلك الحمض النووي RNA يمتلك خصائص محفزة تؤدي لأفكار جديدة حول أصل الحياة. في عام 1993 تمت مشاركة الجائزة بين Kary B.Mullis من La Jolla و Michael Smith من Vancouver واللذين قدما مساهمات مهمة في تقانات الحمض النووي  DNA. حيث طور Mullis تقنية PCR (Polymerase Chain Reaction) أي تقنية تفاعل سلسلة البوليمراز  والتي تؤدي لإمكانية مضاعفة أجزاء محددة من DNA ملايين المرات لمادة وراثية معقدة. أما عمل Smith فقد شكل أساس تقنية Site-direct Mutagenesis أي تقنية توليد الطفرات بالموقع المباشر والتي يمكن من خلالها تغيير حمض أميني محدد في بروتين وبذلك تسليط الضوء على دوره الوظيفي.

3-13- الكيمياء التطبيقية

هناك عدد قليل من جوائز نوبل في الكيمياء تم تسجيلها في المساهمات خارج المجالات الكيميائية الأساسية التقليدية. فقد ذهبت جائزة نوبل في عام 1931 إلى Carl Bosch و Friedrich Bergius وكلاهما من Heidelberg وذلك لقيامهما بابتكار و تطوير طرق كيميائية للحصول على الضغط العالي . حيث عدل Bosch طريقة Haber في اصطناع الأمونيا (انظر القسم 3-6) وجعلها ملائمة لمجال واسع في الاستخدام الصناعي. استخدم Bergius طرق الضغط العالي لتحضير النفط وذلك عبر هدرجة الفحم وقد عمل Bosch كما Bergius بالحذر الشديد الذي جعل I.G.Farben لاحقاً بحسن الطريقة باكتشاف محفز جيد لطريقة Bergius.

إن العمل في مجال الكيمياء الغذائية والزراعية أدى لنيل الجائزة من قبل Artturi Ilmari Virtanen من Helsiki في عام 1945 . حيث قام بتطوير ما سميت بطريقة AIV والتي تدل على الحروف الأولى من اسم المخترع. يعد Virtanen أول من قام بإجراء دراسات حيوية حول تثبيت الآزوت من قبل النباتات بهدف إنتاج محاصيل زراعية غنية بالبروتين . ثم وجد أنه يمكن حفظ العلف بمساعدة مزيج من حمض النتريك والسلفونيك (ويسمى بحمض AIV).

أخيراً فإن العمل الأساسي في مجال الكيمياء الجوية والبيئية قد عُرف عام 1995 من خلال الجائزة التي مُنحت للعالم Paul Crutzen من هولندا العامل في جامعة ستوكهولهم ولاحقاً في معهد ماكس بلانك في مانيز وللعالم Mario Molina من معهد MIT (معهد ماساشوتس للتكنولوجيا) و العالم F.Sherwood Rowland من جامعة كاليفورنيا في Irvine . درس هؤلاء الباحثون الثلاثة بالتفصيل العمليات الكيميائية التي تؤدي إلى تشكل وتحلل الأوزون في الغلاف الجوي. وقد أظهروا بشكل خاص أن طبقة الأوزون في الغلاف الجوي حساسة جداً للانبعاثات الكيميائية الناتجة عن النشاط البشري وقد أدت هذه الاكتشاف لسن تشريعات دولية حول ذلك.

4- ملاحظات استنتاجية أخيرة

تعطي السنوات المئة الأولى لجوائز نوبل للكيمياء صورة رائعة عن تطور الكيمياء الحديثة. تغطي الجوائز كافة مجالات علوم الكيمياء الأساسية من الكيمياء النظرية إلى الكيمياء الحيوية وأيضاً عدة مساهمات في الكيمياء التطبيقية. من وجهة كمية فإن الكيمياء العضوية تسيطر عما لايقل عن 25 جائزة. وهذا لا يعد أمر مفاجئ حيث أن الخصائص التكافؤية الخاصة بذرة الكربون تؤدي إلى تنوع لانهائي في بنية المركبات العضوية. كما مُنح أيضاً عدد كبير من الجوائز في الكيمياء العضوية للأبحاث المتعلقة بكيمياء المنتجات الطبيعية ذات البنية الأكثر تعقيداً ولذلك تعد بمحاذاة الكيمياء الحيوية.

إن ما يعادل مقدار 11 جائزة تم منحها للاكتشافات المتعلقة بالكيمياء الحيوية  ورغم أن الجائزة الأولى التي مُنحت في مجال الكيمياء الحيوية كانت في عام 1907 (للعالم Buchner) فإن فقط ثلاث جوائز في هذا المجال مُنحت في النصف الأول من القرن ما يوضح أن النمو الكبير للكيمياء الحيوية كان في العقود الحديثة (حيث أن هناك 8 جوائز تم منحها بين عامي 1997-1970). في الطرف الآخر من مجالات الكيمياء تبرز الكيمياء الفيزيائية بما فيها الترموديناميك والحرائك الكيميائية مسيطرة بـ 14 جائزة ولكن يوجد أيضاً ست جوائز في الكيمياء النظرية. كما تعد البنية الكيميائية مجال واسع آخر بثمانية جوائز بما فيها الجوائز الممنوحة لوضع تطورات منهجية بالإضافة لتحديد بنية الجزيئات الحيوية الكبيرة أو الجزيئات المعقدة. كما عُرفت الكيمياء الصناعية لأول مرة في عام 1931 (Bergius, Bosch) ولكن أكثر الجوائز التي مُنحت مؤخراً كانت تعود للمساهمات التي تقترب من التطبيقات الصناعية كالمساهمات في كيمياء البوليمير.

إن العلم في الحقيقة مشروع دولي ولكن سيطرة الغرب على مشهد جائزة نوبل أمر واضح . فقد تلقى ما لا يقل عن 49 عالم من الولايات المتحدة الأمريكية جائزة نوبل للكيمياء ولكن معظمهم نال الجائزة بعد الحرب العالمية الثانية. حيث أن أول جائزة مُنحت لأمريكي كانت عام 1915 (Richards عام 1914) وفقط عالمين أمريكيين نالا الجائزة قبل عام 1946 (Langmuir في عام 1932 و Urey في عام 1934). يحتل الكيميائيين الألمان المرتبة الثانية عبر 26 عالم حائز على الجائزة ولكن 14 منهم تلقوا الجائزة قبل عام 1945. كما عُرف 25 باحث بريطاني نال الجائزة ولكن من جهة أخرى ليس أقل من 19 منهم نالها في النصف الثاني من القرن. تملك فرنسا سبعة باحثين حائزين على جائزة نوبل للكيمياء وكل من السويد وسويسرا تملك خمسة باحثين بينما هولندا وكندا تملك ثلاثة منهم. وإن فائز واحد بالجائزة ينتمي لكل من البلدان التالية: الأرجنتين, النمسا, بلجيكا, تشيكسلوفاكيا, الدنمارك, فنلندا, إيطاليا, النرويج, وروسيا.

ومن خلال استقراء التوجه لجوائز نوبل للكيمياء في القرن العشرين فإنه من المتوقع أن الكيمياء النظرية والحسابية ستزدهر في القرن الحادي والعشرين خاصة مع انتشار التقانة الحاسوبية التي تخدم ذلك. كما قد تصبح دراسة الأنظمة الحيوية أكثر سيطرة و الانتقال من دراسة الجزيئات الكبرى بمفردها إلى دراسة الأنظمة التفاعلية كدراسة الإشارات الكيميائية والوظائف العصبية بما فيها الدماغ. كما يأمل الكثير أن يشهد القرن القادم توزع قومي أكثر انتشاراً للحائزين على الجائزة.

5- المراجع

Westgren, A., Nobel – The Man and His Prizes, ed. Odelberg, W.(Elsevier, New York, 1972), pp. 279-385.

Kormos Barkan, D., Walther Nernst and the Transition in Modern Physical Science,(Cambridge University Press, 1999).

Rife, P ., Lise Meitner and the Dawn of the Nuclear Age, (Birkhäuser, 1999).

المصدر:

Bo G. Malmström , Bertil Andersson.| (n.d).|The Nobel Prize in chemistry:The Development of Modern Chemistry.| NobelPrize.| Retrieved (28/5/2017).| From:

http://www.nobelprize.org/nobel_prizes/themes/chemistry/malmstrom/index.html

شارك هذه المادة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى